لبلال : أمِسـكْ يا بلال ، فقد فارقت ابنةُ رسول الله الدنيا ، وظنّوا أنّها قد ماتت ، فقَطَع أذانه ولم يُتمّه ، فأفاقت فاطمة وسألته أن يُتّم الأذان فلم يفعل ، وقال لها : يا سيّدة النسوان ، إني أخشى عليك مما تُنزلينه بنفسك إذا سمعتِ صوتي بالأذان ، فأعفته عن ذلك (١).
وهذا يدلّ على وجود بلال في المدينة قبل وفاة الزهراء عليهاالسلام ، ولم يكن قد خرج منها بعدُ إلى الشام ، وهذا يؤكد أنّ أبا بكر بقي أربعين يوماً (٢) ـ على أقل التقادير ـ يدبّر أموره قبل أن يجهز لقتال المرتدين ، وظل يقاتل المرتدين مدّة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد عن سنة قبل أن يسيِّر الجيوش التي فتحت الشام بعد أن كان جيش أسامة رجع عن وجهة الشام دون قتال.
وقد علمتَ أنّ بلالاً لم يشارك في قتال المرتدين ، بل صرّحوا بأنّه أقام في المدينة إلى أن خرجت بعوث الشام (٣).
كان بلال إذاً في المدينة ولم يؤذّن لأبي بكر ، فلماذا لم يؤذّن لأبي بكر؟! إنّه تساؤل يفرض نفسه ، ويبحث عن اجابة.
روى إبراهيم بن محمد بن سليمان بن بلال بن أبي الدرداء ، حدثني أبي محمد بن سليمان ، عن أبيه سليمان بن بلال ، عن أم الدرداء ، عن أبي الدرداء ، قال : إنّ بلالاً رأى في منامه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو يقول له : ما هذه الجفوة يا بلال؟! أما آن لك أن تزورني يا بلال؟
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه ١ : ٢٩٨ / ح ٩٠٧ ، وانظر : الدرجات الرفيعة : ٣٦٥ ـ ٣٦٦.
(٢) وقيل : ستين يوماً ، وقيل سبعين يوماً ، انظر : تاريخ الطبري ٣ : ٢٤١ ، واليعقوبي ٢ : ١٢٧.
(٣) انظر : كنز العمّال ١٣ : ٣٠٥ ح ٣٦٨٧٣ ، مختصر تاريخ دمشق ٥ : ٢٦٥. بل قال ابن أبي حاتم أنّه خرج إلى الشام في خلافة عمر. انظر : المراسيل : ١٠٨ ، وعنه في تهذيب الكمال ١٧ : ٣٧٣.