وقال الفضل بن شاذان (المتوفّى ٢٦٠ هـ) مخاطباً أهل السنّة : ... ورويتم عن أبي يوسف القاضي ـ رواه محمّد بن الحسن عن أصحابه ـ وعن أبي حنيفة ، قالوا : كان الأذان على عهد رسول الله وعلى عهد أبي بكر وصدراً من خلافة عمر يُنادى فيه «حيّ على خير العمل».
فقال عمر بن الخطاب : إنّي أخاف أن يتّكل الناس على الصلاة إذا قيل : «حيّ على خير العمل» ويَدَعُوا الجهاد ، فأمر أن يطرح من الأذان «حيّ على خير العمل» (١).
إنّ كل هذه النصوص دالّة على أنّ إسقاط «حيّ على خير العمل» من الأذان كان في عهد عمر بن الخطّاب ، وأنّ الصحابة كانوا قد أذّنوا بها على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وعلى عهد أبي بكر ، وصدراً من خلافة عمر ، وأنّ عمر سمعها يوماً فأمر بالإمساك فيه عنها وقال : إذا سمعها الناس ضيّعوا الجهاد.
إنّ عمر نفَّذَ في أثناء تسلّمه أزمّة الأمور ما كان يطمح إليه من حذف «حيّ على خير العمل» التي كانت في أذان المسلمين ، وقد سمعت أنّ مما نقمه المسلمون على عمر حذفه «حيّ على خير العمل».
ويبدو أنّه لم يتسنَّ لعمر أن يحذفها بعد وفاة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم مباشرة وإن حاول ذلك ، وكان الجهاد قائماً على سوقه أيضاً ، لكنّه نجح في ذلك عند استلامه الخلافة مسكتاً المعارضين بالقوة والشدة المعهودتين منه.
ومن هنا تعرف أنّ المقصود من كلمة بلال «لا أوذّن لأحد بعد رسول الله» أنّها تعني : أنني لا أوذّن لأحد اغتصب الخلافة ظلماً بعد رسول الله ، ومن جدّ في حذف ما يدل على الإمامة والولاية وإسقاطها من الأذان (٢).
__________________
(١) الايضاح : ٢٠٦ وراجع كتاب العلوم ١ : ٩٢ والاعتصام بحبل الله المتين ١ : ٢٩٦ ، ٢٩٩ ، ٣٠٤.
(٢) هذا ما سنبحثه في الفصل القادم «حي على خير العمل دعوة إلى الولاية».