حكاه من مشاهدات ومغيّبات ، كبعض الصحابة المتعبدين المخلصين الذين شهد لهم التاريخ بصدقهم ووفائهم وبقائهم على العهد الذي فارقوا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عليه.
نعم ، قد اختلفت النصوص في مكان الإسراء ، فالبعض منها صرحت بأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلمأسري به من شعب أبي طالب (١) ، والأُخرى من بيت خديجة (٢) ، وثالثة من بيت فاختة «أمّ هاني» بنت أبي طالب (٣) أخت الإمام عليّ ، ورابعة من بيت عائشة (٤).
ففي تفسير الطبري بإسناده عن أبي صالح بن ياذم ، عن أُمّ هاني بنت أبي طالب في مسرى النبيّ ، أنّها كانت تقول : ما أُسري برسول الله إلّا وهو في بيتي نائم عندي تلك الليلة ، فصلّى العشاء الآخرة ثمّ نام ونمنا ، فلما كان قُبيل الفجر أهبَّنا رسول الله ، فلمّا صلّى الصبح وصلّينا معه قال : يا أُمّ هاني ، لقد صلّيتُ معكم العشاء الآخرة كما رأيتِ بهذا الوادي ، ثمّ جئتُ بيت المقدس فصلّيت فيه ، ثمّ صلّيت صلاة الغداة معكم الآن كما تَرَين (٥).
وفي بعض الآثار أنّ أمّ هاني قالت : فقدتُه صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وكان نائماً عندي ـ فامتنع منّي النوم مخافةَ أن يكون عرض له بعض قريش. ويقال : أنّه تفرّقت بنو. عبد المطلّب يلتمسونه ، ووصل العبّاس إلى ذي طُوى وهو ينادي : يا محمّد ، يا محمّد ، فأجابه صلىاللهعليهوآلهوسلم.
__________________
(١) فتح الباري ٧ : ١٦٠ كتاب أحاديث الأنبياء ، باب المعراج ، الدرّ المنثور ٤ : ١٤٩ سورة الإسراء عن ابن أبي حاتم عن قتادة.
(٢) المجموع النووي ٩ : ٢٤٨ باب ما يجوز بيعه وما لا يجوز ، فرع في مذاهب العلماء في بيع دور مكّة ، شرح الأزهار ١ : ١٩٩.
(٣) المغني ١٠ : ٦١٦ كتاب الجزية ، الشرح الكبير ١٠ : ٦٢١ كتاب الجزية ، فتح الباري ٧ : ١٦٠ ، تحفة الأحوذي ٩ : ١٩٣.
(٤) الدرّ المنثور ٤ : ١٥٧ ، ١٥٤ سورة الإسراء الآية ١ ، الشفا بتعريف حقوق المصطفى ١ : ١٩٤.
(٥) تفسير الطبري ١٥ : ٣ سورة بني إسرائيل الآية ١