ب. انّه سبحانه يخاطب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بقوله : (ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْها وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ).(١)
والشريعة هي طريق ورود الماء ، والأمر أمر الدين ومعنى الآية انّه تبارك وتعالى أورد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم طريقا موصلة للشريعة قطعا ، ومن حظي بتلك المنزلة ، فما يصدر عنه إنّما يصدر عن واقع الدين لا عن الدين المظنون الذي يخطئ ويصيب ، وليست تلك الخصيصة من خصائصه صلىاللهعليهوآلهوسلم فقط بل قد حظي بها معظم الأنبياء ، قال سبحانه : (لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً). (٢)
ج. إنّ طبيعة الاجتهاد خاضعة للنقاش والنقد ، فلو اجتهد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في بعض الأحكام فنظره كغيره قابل للنقد والنقاش ، ومعه كيف يكون حلال محمد حلالا إلى يوم القيامة وحرامه حراما إلى يوم القيامة ، وكيف تكون شريعته خاتمة الشرائع؟!
كلّ ذلك يعرب عن أنّ نسبة الاجتهاد إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بعيدة عن الصواب ، وإنّما يتفوّه بها من ليس له أدنى إلمام بمقامات الأنبياء ، لا سيما خاتم النبيين أفضل الخليقة.
قال الشوكاني : اختلفوا في جواز الاجتهاد للأنبياء في الأحكام الشرعية على مذاهب:
__________________
(١) الجاثية : ١٨.
(٢) المائدة : ٤٨.