قرينك في قبرك ويوم حشرك حتّى أعرض أنا وأنت على ربّك». (١)
إلى غير ذلك من الآيات والأخبار الواردة في ذلك ، كما يعلم بالتتبّع (٢).
ولا يخفى أنّها كما هي دالّة على تجسيم الأعمال في النشأة الأخرويّة ، تدلّ على تجسيمها في عالم البرزخ أيضا ، حيث إنّ بعضا منها ظاهرة الاختصاص بعالم الآخرة ، وبعضا منها مطلق في ذلك يشمل العالمين جميعا ، وبعضها منها ظاهر في أنّ ذلك في كلا العالمين جميعا ، كالحديث الأخير.
وحينئذ فحريّ بنا أن نتكلّم في معنى تلك الآيات والأخبار ، وفي أنّ معنى ذلك التجسيم ما ذا؟
فنقول : إنّ ذلك يحتمل وجهين :
أحدهما وهو الذي يظهر من كلام بعض العلماء القول به ، وإن كان خلاف ظاهر تلك الآيات والأخبار الواردة ، أنّه ليس المراد أنّ نفس ذلك العمل يتصوّر بتلك الصورة ويتجسّم ذلك الجسم ، بل المراد أنّه يخلق الله تعالى على وفق مصلحته الكاملة ومقتضى ذلك العمل صورة أخرى مناسبة لذلك العمل موافقة له ، حيث إنّ لكلّ عمل خير أو شرّ ، وكذا لكلّ صفة حاصلة للنفس فاضلة أو رديّة ، وكذا لكلّ معنى من المعاني الحاصلة لها صورة تناسبه. وهذا كما أنّ صورة القردة وأمثالها مناسبة لمعنى الفجور وأمثاله ، وصورة الفأرة وأمثالها مناسبة لمعنى الحرص وأمثاله ، وصورة الكلب وأمثاله من السباع مناسبة لمعنى التهوّر وأمثاله ، وصورة الماء واللبن وأمثالهما مناسبة لمعنى العلم وأمثاله ، إلى غير ذلك. ولذلك يشاهد في المنام من غلبت عليه تلك الصفات بتلك الصور كما هو المجرّب. وحينئذ فلا امتناع في أن يخلق الله تعالى جزاء لكلّ عمل خير أو شرّ صورة تناسبه ويجعلها قرينة لصاحب ذلك العمل مصاحبة له ، كصورة الحيّات والعقارب والزقّوم والحميم والجحيم وأمثالها من الصور المؤلمة الموذية للأعمال الرديّة القبيحة والصفات
__________________
(١) من لا يحضر الفقيه ١ / ١٣٧.
(٢) ـ نيك وبد هرچه كنى بهر تو خوانى سازند |
|
كار بد جمله ز تو آيد وشيطان بدنام |
جز تو بر خوان بد ونيك تو مهمانى نيست |
|
بر تو جز نفس بدانديش تو شيطانى نيست |