الذميمة ، وصورة الحور والقصور والولدان والجنّات ونعيمها وأمثالها من الصور البهيّة الملذّة الحسنة للأعمال الحسنة والصفات والملكات الفاضلة الجيّدة ، فتكون النفس بالصور الأولى متألّمة ذات شقاوة ، وبالصور الثانيّة ملتذّة ذات سعادة وبهجة وسرور. وتكون أيضا تلك الصور في كلّ عالم مناسبة لذلك العالم ، بأن تكون الصور البرزخيّة مناسبة لعالم البرزخ ، ويكون جسميّتها كجسميّة ما في ذلك العالم جسميّة مثاليّة ، وتكون الصور الأخرويّة مناسبة لعالم الآخرة ، وجسميّتها كجسميّة ما في ذلك العالم جسميّة أخرى غير ما في العالم الحسّيّ والعالم البرزخيّ.
وبالجملة ، فلا امتناع في ذلك ، سواء كان المراد أنّه يخلق الله تعالى في عالم البرزخ تلك الصورة المناسبة البرزخيّة فيجعلها مصاحبة لصاحب تلك العمل ، ثمّ يخلق تعالى بعد ذلك في عالم الآخرة صورة أخرى أخرويّة مناسبة أيضا ، فيجعلها مصاحبة له إلى أن يشاء الله تعالى.
أو كان المراد أنّه يخلق تعالى بعد صدور ذلك العمل من عامله وبعد حصول تلك الصفة لمن اتّصف بها صورة برزخيّة ، وكذا صورة أخرويّة مناسبتين لذلك العمل ولتلك الصفة ، ويجعلها مصاحبتين له في هذه النشأة الدنيويّة أيضا. إلّا أنّه لمّا كان محجوب البصيرة في هذه النشأة عن إدراكهما ومشاهدتهما ، لا يدركهما ولا يشاهدهما ، فلا يلتذّ بهما ولا يتألّم.
ثمّ إنّه حيث يكون في النشأة البرزخيّة حديد البصيرة في الجملة ، وينكشف عنه غطاء هذه النشأة ، يدرك الصور البرزخيّة فقط بالحواس البرزخيّة ، فتلتذّ أو تتألّم. ثمّ إنّه بعد ذلك في عالم الآخرة حيث يكون بصيرته أحدّ وينكشف عنه الغطاء بالمرّة ، كما قال تعالى : (فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) (١) ، يدرك فيه الصور الأخرويّة فيلتذّ ويتألّم بحسب حاله ومرتبته ، إلى أن يشاء الله تعالى.
أو كان المراد أنّه خلق الله تعالى ـ قبل ذلك العمل وقبل تلك الصفة ـ تلك الصور
__________________
(١) ق (٥٠) : ٢٢.