ونحوه. وعن ابن عبّاس : حشرها موتها. يقال إذا أجحفت السّنة بالناس وأموالهم : حشرتهم السّنة. وفي تفسير الآية الثانيّة هكذا ، ثمّ إلى ربّهم يحشرون يعني الأمم كلّها من الدوابّ والطير ، فيعوّضها وينصف بعضها ، كما روي أنّه يأخذ للجمّاء من القرناء.
ثمّ قال : فإن قلت : فما الغرض من ذلك؟ قلت : الدلالة على عظم قدرته ولطف علمه وسعة سلطانه وتدبيره تلك الخلائق المتفاوتة الأجناس ، المتكاثرة الأصناف ، وهو حافظ لما لها وعليها ، مهيمن على أحوالها ، لا يشغله شأن عن شأن ، وإنّ المكلّفين ليسوا المخصوصين بذلك دون من عداهم من سائر الحيوان» (١) وفي تفسير الآية الثالثة مثل ما نقلناه عن الشيخ الطبرسيّ رحمهالله فيه.
وقال البيضاويّ فيما رأيناه من تفسيره ، في تفسير قوله تعالى : (ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ) في الآية الثانيّة : «يعني الأمم كلّها ، فينصف بعضها عن بعض ، كما روي أنّه يأخذ للجمّاء من القرناء. وعن ابن عبّاس : حشرها موتها». (٢)
وقال محيي السنّة صاحب معالم التنزيل فيما رأيناه من تفسيره ، في تفسير قوله تعالى : (ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ) : في هذه الآية أيضا هكذا : قال ابن عبّاس والضحّاك ، حشرها موتها. قال أبو هريرة : يحشر الله الخلق كلّهم يوم القيامة ، البهائم والدوابّ والطير وكلّ شيء ، فيأخذ للجمّاء من القرناء ، ثمّ يقول كوني ترابا ، فحينئذ يتمنّى الكافر ويقول الكافر : يا ليتني كنت ترابا. ثمّ روى عن أبي هريرة أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قال : لتؤدّون الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتّى للشاة الجلحاء ـ أي الجمّاء ـ من القرناء ، انتهى».
وقد ذكر صدر الأفاضل في «شواهد الربوبيّة» كلاما يفهم منه تفسير قوله تعالى : (وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ) بأنّ المعنى حشر بعض النفوس النّاقصة الإنسانيّة على صور الوحوش التي غلبت صفات تلك الوحوش على تلك النفوس ، بأن يحشروا على تلك الصور ، أو حشر تلك النّفوس في الآخرة بحيث تكون قرناءهم في الآخرة تلك الصور الوحوشيّة ، حيث قال : إنّ حشر كلّ أحد إلى غاية سعيه وعمله وما يحبّه ، حتّى أنّه لو أحبّ
__________________
(١) تفسير الكشّاف ٤ / ٢٢٢.
(٢) تفسير البيضاويّ ١ / ١٨٧ ، ط بيروت.