نعم إنّما يلزم ذلك لو كان المرجع فيها الى العرف العامّ كما هو الحال في المعاملات ، وليس كذلك بل المرجع فيها الى عرف المتشرّعة الكاشف عن مراد صاحب الشريعة ، وهو أخذ بالتوقيف ، وكما أنّه يرجع في الألفاظ اللغويّة والعرفيّة العامّة الى اللغة والعرف العامّ ولا ينافي كون ذلك توقيفيّا بل يحقّقه فكذا في المقام ، غاية الأمر أنّ المعتبر هناك التوقيف من أهل اللغة والعرف العامّ والمعتبر هنا التوقيف من الشرع وهو حاصل بالرجوع الى عرف المتشرّعة ؛ للاتّفاق على اتّحاد المعنى العرفي لما استعمل فيه في كلام الشارع ولا فارق بين التوقيفين والعلّة المجوّزة هناك مجوّزة هنا أيضا ، لاشتراكهما في التوقّف على التوقيف وعدم سبيل للعقل في الحكم به ، وهو ظاهر.
قلت : لا يخفى أنّ هنا توقيفيّا في معرفة المعنى في الجملة ككونه العبادة المعروفة المستجمعة لجميع الأجزاء والشرائط المعتبرة في الصحّة أو الأعمّ من ذلك ومن الفاسدة ، وتوقيفيّا في معرفة تفاصيل ذلك المعنى من أجزائه وشرائطه المعتبرة فيه فيتميّز به خصوص المصاديق.
ولا ريب أنّ الأوّل ممّا يتحصّل من ملاحظة عرف المتشرّعة ولا مانع من الرجوع اليه ، ولذا استند الفريقان فيما ادّعوه الى العرف حيث احتجّوا بالتبادر وغيره.
وأمّا الثاني فهو الّذي عناه المستدلّ في المقام ، ولا ريب أنّ العرف لا يفي بتلك التفاصيل بل يرجع فيه المقلّد الى المجتهد ، والمجتهد الى الأدلّة التفصيليّة من غير رجوع في تعيين شيء من واجباته وشرائطه الى العرف ، سواء قلنا بكون تلك الألفاظ موضوعة بإزاء المعنى الإجمالي ـ حسب ما أشرنا اليه في الصلاة من غير أن يؤخذ في نفس ما وضع اللفظ له تلك التفاصيل كما هو الظاهر ، فيدور الأمر في صدقه مدار صحّته وكونه مقرّبا سواء زادت أجزاؤه أو نقصت ، حتّى أنّه يقال بصدق الصلاة مثلا على الصلوات المقرّرة في الشرائع المتقدّمة بملاحظة زمان صحّتها ـ أو قلنا بكونها موضوعة بإزاء ما اعتبر فيه الأجزاء، على التفصيل بأن