مجتمعون عنده من كلّ مكان ، يقتبسون منه أنوار العلوم الدينية ، ويرتوون من رحيق المعارف اليقينية ، إذ أشار الدهر إلينا بالبنان وأصابتنا عين الزمان ، فاختفى بعد أن كان ظاهرا مشهورا ، وأصبح لفقده العلم كأن لم يكن شيئا مذكورا. ثم إنّي عثرت له ـ أعلى الله مقامه ـ على أوراق متشتّة ومسودّات متفرقة قد كتبها في سالف الزمان من مسألة الأمر بالشيء مع علم الآمر بانتفاء شرطه الى مباحث الاجتهاد ، فصرفت برهة من الزمان في جمع شتاتها ، وترتيب متفرقاتها ، ولم أقتصر على إيراد المسائل التامّة ، بل نقلت من المباحث كلّ ما وجدت منه جملة وافية بتحقيق مقام ، كافية في توضيح مرام ، وإن كان المبحث غير تام ، وأسقطت كل مسألة لم أجد منها إلّا قليلا لا يروي غليلا ، فبلغ المجلد الذي جمعته قريبا من عشرين ألف بيت ، وبلغ الكتاب بأجمعه ما يقرب من خمسة وأربعين ألف بيت ، وكان المصنف قدسسره يقول : إنّ الكتاب لو تمّ يكون نحوا من ثمانين ألف بيت ، فيكون الناقص منه اذن نحوا من خمسة وثلاثين ألف بيت (١).
٢ ـ قال تلميذه الآخر صاحب روضات الجنّات في ترجمة المؤلف : وله من المصنفات الرشيقة والمؤلفات الأنيقة كتاب شرحه لاصول معالم الدين المسمّى بهداية المسترشدين في ما ينيف على ستّين ألف بيت في ظاهر التخمين إلّا أنّ البارز منه الى البياض مجلدان الى آخر مسألة مفهوم الوصف ، والباقي منه متخلّف في المسوّدة على ما كان أو خارج منها بتدوين بعض تلامذته الأعيان ... (٢).
٣ ـ وقال في كتابه الآخر المسمّى بعلماء الاسرة في عدّ اساتذته : وتطفلت بعد ذلك برهة من الأوان على المشتغلين والمستمعين من مجلس شيخنا المحقّق المدقّق النحرير ، والجامع الفقيه الخبير ، خاتمة المجتهدين ، ورئيس الموحّدين إمامنا البارع الورع التقي النقي الأوحدي الربّاني الشيخ محمد تقي بن عبد الرحيم
__________________
(١) هداية المسترشدين / آخر صفحة من الطبعة الحجرية.
(٢) روضات الجنات ٢ / ١٢٤.