مدفوع بجريان ذلك بعينه في ضروريّات الدين ، فإنّ الحجّة هناك هو قول النبيّصلىاللهعليهوآله فيكون قيام الضرورة هناك على ثبوته عنه بمنزلة سماع ذلك منه ، ولا ريب أنّ قوله عند السماع منه حجّة فقهيّة.
ويمكن أن يقال : إنّ المعلوم بالضرورة في ضروريّات الدين هو نفس الحكم المقرّر في الشريعة لا قوله صلىاللهعليهوآله ليندرج في الأدلّة ، فنفس الحكم المقرّر منه ضروريّ لا يحتاج إلى الدليل ، بخلاف ضروريّات المذهب ، فإنّه ليس حكم الشارع به ضروريّا ، وإنّما الضروريّ هو حكم الإمام عليهالسلام به ، وليس هو بنفسه حكما شرعيّا ، إذ ليسوا عليهمالسلام بشارعين للأحكام ، فهو في الحقيقة دليل على حكم الشارع لما دلّ على عصمتهم عن الخطأ ، فيندرج بملاحظة ذلك في الأدلّة الفقهيّة. هذا غاية ما يتخيّل في الفرق ولا يخلو عن إشكال. فتأمّل.
قوله : (وخرج بالتفصيليّة علم المقلّد ... الخ)
يمكن الإيراد عليه من وجوه :
أحدها : أنّ التقليد مغاير للعلم ، ولذا يجعل قسيما له ، حيث قسّموا الاعتقاد إلى العلم والظنّ والتقليد والجهل المركّب ، فاعتقاد المقلّد غير مندرج في الجنس.
ويمكن دفعه بأنّ التقليد المقابل للعلم غير التقليد المصطلح في المقام ، فإنّ المراد به هناك هو الأخذ بقول الغير عن غير حجّة ، وأخذ المقلّد بقول المجتهد ليس كذلك ، لكون أخذه به عن دليل صغراه محسوسة أو ما بمنزلتها ، وكبراه قطعيّة ظاهرة يحصل العلم بها بأدنى التفات ، وقد نصّوا بذلك في محلّه.
ثانيها : أنّ علم المقلّد غير حاصل عن الأدلّة ، وإنّما يحصل عن دليل واحد إجمالي مطّرد في جميع المسائل.
والجواب عنه ما عرفت من أنّ المراد بالأدلّة في المقام جنسها ، ولذا لو فرض كون الفقيه عالما بجميع الأحكام عن السنّة لم يكن مانعا عن صدق الفقه ، فالجمعيّة غير منظورة في المقام كما مرّ.
ولو سلّم ملاحظة الجمعيّة فيه فقد يكتفى في صدقها بملاحظة تعدّد الآحاد ،