الأوّل : أن يفرض ذلك مع عدم وجود أفراد طوليّة أو عرضيّة للواجب ، بحيث لا يتمكّن المكلّف من الموافقة القطعيّة والاحتياط ، والحكم هنا هو التّخيير الابتدائيّ ، لا الاستمراريّ ، نظير ما إذا دار الأمر بين شرطيّة شيء للصّوم ، وبين مانعيّته عنه ، ومعنى كون التّخيير ابتدائيّا هو اختيار فعل ذلك المشكوك في جميع أيّام الصّوم ، أو اختيار تركه كذلك ، بخلاف التّخيير الاستمراريّ ، فإنّ معناه : هو الإتيان به في صوم يوم وتركه في صوم يوم آخر ، وهذا غير جائز ؛ إذ هو موجب للمخالفة القطعيّة التّدريجيّة الّتي مضى البحث عنها في مسألة دوران الأمر بين المحذورين ، فقد عرفت هناك : قبح هذه المخالفة عقلا ، كقبح المخالفة القطعيّة الدّفعيّة.
الثّاني : أن يفرض ذلك مع وجود أفراد طوليّة للواجب ، بحيث يتمكّن المكلّف من الاحتياط بالإتيان بفردين منه وتحصيل الموافقة القطعيّة ، كالصّلاة في سعة الوقت فيما إذا دار الأمر بين الإتيان بها عاريا ، وبينه لابسا لثوب نجس ، فالحكم فيه هو الاحتياط ، بإتيان الواجب مرّة مع ذلك الشّيء ، واخرى بدونه ؛ وذلك ، لأنّ المأمور به الواجب في المثال هو طبيعيّ الصّلاة الّذي له أفراد طوليّة ، فالموافقة القطعيّة بتكرار العمل ، كالمخالفة القطعيّة بتركه رأسا ممكنة ، وإذا يكون العلم الإجماليّ منجّزا للتّكليف لا محالة ، ومقتضاه وجوب الاحتياط بلا شبهة.
وإن شئت ، فقل : إنّا نعلم إجمالا في المقام باعتبار شيء في المأمور به الواجب في الجملة ، لكن لا نعلم أنّ المعتبر هل هو وجود ذلك الشّيء كي يصير الواجب ب «شرط شيء» ، أو عدمه كي يصير الواجب ب «شرط لا» ، فلا محيص إذا من الاحتياط وإعمال قاعدة الاشتغال اليقينيّ الّذي يستدعي الفراغ اليقينيّ.