اليقين بأن يكون الشّيء مشكوكا في زمان سابق ومتيقّنا في زمان لا حق.
هذه الصّورة هي مجرى الاستصحاب القهقري لا تعمّها أدلّة الاستصحاب لظهور مثل قوله عليهالسلام : «لأنّك كنت على يقين من طهارتك فشككت» بل صراحته ، في اعتبار تقدّم متعلّق اليقين على متعلّق الشّكّ ، فلا دلالة له على اعتبار عكس ذلك.
وبعبارة اخرى : روايات الاستصحاب ظاهرة في عدم جواز نقض اليقين بالشّكّ ، والاستصحاب القهقريّ لا نقض فيه لليقين بالشّكّ ، بل نقض للشّكّ باليقين.
والحريّ أن نذكر مثالا لهذا الاستصحاب كي يتّضح لك الحال ، وهو ما إذا علم بأنّ لفظ : «الصّلاة» و «الصّوم» مثلا ، حقيقة في العبادة المخصوصة في زمن الصّادقين عليهماالسلام ولسانهما ، فشكّ في أنّه كذلك في عصر النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ولسانه ، أو كان حقيقة في غير العبادة المخصوصة ؛ غاية الأمر ، نقل إليها في عصرهما ، فبالاستصحاب القهقري وجرّ اليقين اللّاحق إلى الزّمن السّابق ، يحكم بعدم النّقل ، إلّا أنّك عرفت آنفا عدم شمول أدلّة الاستصحاب لذلك ، وعليه ، فإحراز عدم النّقل إنّما يكون لأجل أصل آخر عقلائي وهو أصالة عدم النّقل الّتي يقتضي كون لفظ «الصّلاة» ـ مثلا ـ في عصر النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ولسانه حقيقة في ما يكون حقيقة فيه في عصر الصّادقين عليهماالسلام ولسانهما ، فتأمّل.
الخامسة : أن يكون متعلّق اليقين والشّكّ متّحدا ذاتا ومقارنا زمانا ، وهذا لا يعقل إلّا مع اختلاف اليقين والشّكّ زمانا ، وإلّا لزم اجتماع المتضادّين أو المتناقضين.
وعليه : فإن تقدّم زمان الشّكّ على اليقين ، نظير ما إذا شكّ يوم الخميس في عدالة زيد يوم الأربعاء ، وعلم وتيقّن يوم الجمعة بعدالته يوم الأربعاء ، فهذه الصّورة