ممّا لا إشكال فيه ولكن خارجة عن فرض الاستصحاب وقاعدة اليقين ، فيجب على المكلّف العمل بوظيفة الشّاك ما دام شاكّا ، وبوظيفة المتيقّن بعد زوال الشّكّ وحصول اليقين.
وأمّا إن تقدّم زمان اليقين على الشّكّ ، نظير ما إذا علم وتيقّن يوم الخميس بعدالة زيد يوم الأربعاء وشكّ يوم الجمعة في عدالته يوم الأربعاء ، لأجل احتمال كون ذلك اليقين السّابق جهلا مركّبا ، فهذه الصّورة الّتي يسمّى الشّكّ فيها بالشّكّ السّاري هي مجرى قاعدة اليقين لا الاستصحاب ، وسيجيء البحث عن تلك القاعدة بعد الفراغ عن البحث في الاستصحاب.
الأمر الخامس : تقسيم الاستصحاب ، فنقول : إنّ الاستصحاب يقسّم باعتبارات ثلاث :
أحدها : باعتبار المستصحب ، فيقسّم تارة من جهة كونه وجوديّا وعدميّا ؛ واخرى من جهة كونه حكما شرعيّا أو موضوعا لحكم شرعيّ ؛ والحكم الشّرعيّ ـ أيضا ـ يقسّم إلى التّكليفيّ والوضعيّ ، وإلى الكلّيّ والجزئيّ.
ثانيها : باعتبار منشأ اليقين بحدوث شيء ، فيقسّم من جهة أنّ منشأه هو الدّليل اللّبيّ من العقل والإجماع ؛ ومن جهة أنّ منشأه هو الدّليل اللّفظيّ من الكتاب والسّنة ؛ ومن جهة أنّ منشأه هو السّماع أو الرّؤية ، نظير ما إذا كان المستصحب من الامور الخارجيّة والموضوعات العينيّة الجزئيّة.
ثالثها : باعتبار منشأ الشّكّ في البقاء ، فيقسّم تارة من جهة أنّ منشأه هو احتمال انقضاء استعداد المقتضي للبقاء ، أو الشّكّ في مقدار استعداده له ، وهذا هو