على يقين من وضوءه» تعليل للجواب المحذوف (فلا يجب عليه الوضوء) وقائم مقامه ، ـ كما هو المتداول كثيرا حتّى ورد في التّنزيل ، نظير قوله عزوجل : (وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ)(١) إذ من الواضح ، عدم التّرتّب بين الجملتين في الآية ، فالجواب محذوف وهو «لن يضرّ الله» ـ وهذا التّعليل المركّب من الصّغرى وهي قوله عليهالسلام : «فإنّه على يقين من وضوءه» ومن الكبرى وهي قوله عليهالسلام : «لا تنقض اليقين أبدا بالشّكّ ...» له احتمالات ثلاث :
أحدها : أن يكون المراد من اليقين هو المتعلّق بخصوص الوضوء ، وبالشّكّ هو المتعلّق بخصوص النّوم ، فمرجعه إلى أنّه لا يجوز نقض اليقين بالوضوء بالشّكّ في النّوم.
هذا الاحتمال مردود ؛ إذ عليه يصير التّعليل كتكرار للمعلّل ، فتصير العبارة هكذا : «لا يجب الوضوء على المتيقّن به ، الشّاكّ في النّوم ، فإنّه على يقين من وضوءه ، وشكّ في نومه» ، أو «فإنّه المتيقّن من وضوءه ، الشّاكّ في نومه ، ولا يجوز نقض يقينه بالوضوء بالشّكّ في النّوم ، بمعنى : لا يجب الوضوء على المتيقّن به ، الشّاكّ في النّوم» ، وهذا كما ترى.
ثانيها : أن يكون المراد باليقين هو المتعلّق بخصوص الوضوء ، وبالشّكّ هو المتعلّق بعموم النّاقض ولو كان غير نوم ، فمعنى الحديث هو «لا يجوز نقض اليقين بالوضوء بالشّكّ في مطلق الحديث».
هذا الاحتمال ـ أيضا ـ محلّ منع ؛ إذ عليه يصير المعلّل والتّعليل معا هكذا : «لا يجب الوضوء على المتيقّن به ، الشّاكّ في النّوم ، فإنّه على يقين من وضوءه وشكّ في
__________________
(١) سورة آل عمران (٣) ، الآية ٩٧.