سياق مثل الصّحيحة ، حيث إنّ قوله عليهالسلام : «ولا ينقض اليقين بالشّكّ» لا يناسب قاعدة الاشتغال ، بل يلائم أصل الاستصحاب ؛ بداهة ، أنّ المناسب للقاعدة هو تحصيل العلم بفراغ الذّمّة واليقين ببراءتها بعد حصول العلم واليقين باشتغالها.
هذا ، مضافا إلى أنّ المراد من «اليقين» في قوله عليهالسلام : «ولا ينقض اليقين بالشّكّ» هو اليقين الموجود بالفعل ، قبل الإتيان بركعة اخرى ، حال وجود الشّكّ كذلك ، وهذا لا يكون إلّا في الاستصحاب ؛ إذ فيه كان يتيقّن بعدم الإتيان بالرّكعة الرّابعة في فرض الصّحيحة ويشكّ في الإتيان بها ، فلا يجوز أن ينقض اليقين بعدم الإتيان ، بالشّكّ في الإتيان ، وهذا بخلاف قاعدة الاشتغال ، فإنّه لا يقين فيها ببراءة الذّمّة وفراغها إلّا بعد الإتيان بتلك الرّكعة الاخرى.
وكذلك حمل اليقين والشّكّ في الصّحيحة على المتيقّن والمشكوك ، خلاف الظّاهر ؛ إذ أنّه عليهالسلام قال : «ولكنّه ينقض الشّكّ باليقين» بعد قوله عليهالسلام : «ولا ينقض اليقين بالشّكّ» ، وواضح ، أنّ المراد من «الشّكّ واليقين» في تلك الجملة هو نفسهما لا المشكوك والمتيقّن ، ولا يحسن التّفكيك بين الفقرات في معنى اليقين والشّكّ ، بحملهما في بعضها على نفسهما ، وفي بعض آخر على المشكوك والمتيقّن.
الجهة الثّانية : ما أفاده المحقّق العراقي قدسسره من أنّ الاستصحاب في الصّحيحة يكون من القسم الثّاني من استصحاب الكلّي ، فقال في تقريبه : «أنّ الّذي تعلّق به اليقين والشّكّ ، إنّما هو عنوان الرّابعة المردّدة بين الشّخصين ؛ إذ هو قبل الشّروع في ما بيده من الرّكعة المردّدة بين الثّالثة والرّابعة ، يقطع بعدم وجود الرّابعة ، وبعد الشّروع في أحد طرفي المعلوم بالإجمال وهي الرّكعة المردّدة بين الثّالثة والرّابعة ،