يشكّ في تحقّق الرّابعة ، ولكنّه بهذا العنوان ليس له أثر شرعيّ حتّى يجري فيه الاستصحاب ؛ إذ الأثر إنّما يكون لواقع ما هو الرّابعة الّذي ينتزع عنه هذا العنوان وهو الشّخص الواقعيّ الدّائر أمره بين ما هو معلوم الوجود وما هو معلوم العدم ، ومثله ممّا لا شكّ فيه أصلا ؛ إذ هو على تقدير كونه ما بيده من الرّكعة ، يقطع بوجوده ، وعلى تقدير كونه غيره الّذي أفاد الإمام عليهالسلام بالقيام إليه ، يقطع بعدم وجوده ، فعلى التّقديرين لا شكّ فيه حتّى يجري فيه الاستصحاب ، وبهذه الجهة ـ أيضا ـ منعنا عن الاستصحاب في الفرد المردّد بلحاظ انتفاء الشّكّ فيه ، لدورانه بين ما هو مقطوع البقاء وما هو مقطوع الارتفاع». (١)
فحاصل كلامه قدسسره أنّ كلّيّ الرّكعة المردّدة لا أثر له ، والشّخصان ممّا يدور أمرهما بين القطع بالبقاء وبين القطع بالارتفاع ، كالحيوان المردّد بين البقّ والفيل ، وكالحدث المردّد بين الأصغر والأكبر ، غاية الأمر ، ربما يترتّب على كلّيّ الحيوان أو الحدث أثر ، فيستصحب ، بخلاف كلّيّ الرّكعة ، فلا يجري فيه الاستصحاب.
وفيه : أنّ الشّكّ بين الثّالثة والرّابعة يرجع إلى الشّكّ في الإتيان بالرّابعة وعدمه ، فيستصحب عدم الإتيان ، وهذا ممّا لا إشكال فيه.
الجهة الثّالثة : ما أفاده المحقّق العراقي قدسسره ـ أيضا ـ من أنّ الاستصحاب فيها من الاصول المثبتة ، فليس بحجّة ، فقال : في تقريبه ، ما محصّله : أنّ استصحاب عدم الإتيان بالرّابعة لا يثبت أنّ الرّكعة المأتي بها هي الرّابعة ، إلّا على القول بالأصل المثبت ، وإذا لم يحرز كونها رابعة يشكل الأمر ؛ بداهة ، أنّه يشترط إحراز وقوع التّشهد
__________________
(١) نهاية الأفكار : ج ٤ ، ص ٥٩ و ٦٠.