كان على يقين ثمّ شكّ ...» وهذا ظاهر في كون اليقين سابقا على الشّكّ زمانا ، لا رتبة.
فما أفاده قدسسره وإن كان لا يخلو عن دقّة ، إلّا أنّه لا إشعار بها في الحديث ، فضلا عن الظّهور أو الصّراحة.
ثالثها : ما أفاده المحقّق الخراساني قدسسره محصّله : أنّ اختلاف زمان وصفي اليقين والشّكّ المستفاد من الحديث بقرينة كلمتي : «كان وثمّ» إنّما يكون بملاحظة اختلاف زمان الموصوفين (المتيقّن والمشكوك) وسرايته إلى الوصفين ، لما بين اليقين والمتيقّن من نحو من الاتّحاد ، حيث إنّ اليقين مرآة للمتّقين. (١)
وفيه : أنّ ما أفاده قدسسره لطيف جدّا ، لكن لا يساعده ظاهر الحديث ؛ إذ ظاهره أنّ اليقين بنفسه لا بملاحظة المتيقّن ، متقدّم على الشّكّ بنفسه لا بملاحظة المشكوك.
الوجه الثّاني : ظهور الحديث في وحدة متعلّق اليقين والشّكّ من جميع الجهات ذاتا وزمانا ، وهذا ـ أيضا ـ يناسب القاعدة لا الاستصحاب ؛ وذلك ، لاختلاف المتعلّقين في الاستصحاب زمانا.
ولكن يمكن الجواب عنه ، بأنّ الحديث ليس فيه إشعار بالوحدة المذكورة ، فضلا عن الظّهور أو الصّراحة ، بل ظاهره هو الاستصحاب لا القاعدة.
الوجه الثّالث : دعوى أنّ معنى قوله عليهالسلام : «ثمّ شكّ» بطلان اليقين وانحلاله رأسا ، وهذا يناسب القاعدة ـ أيضا ـ كما لا يخفى.
وفيه : أنّه دعوى محضة لا شاهد لها ، كما هو واضح.
فتحصّل : أنّ الحقّ هو أنّ هذا الحديث ناظر إلى الاستصحاب ، لا القاعدة ؛
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ٢ ، ص ٢٩٦.