عناية ، بأن يقال : كلّ شيء طاهر (واقعا أو ظاهرا) وطهارته مستمرّة حتّى يعلم أنّه نجس ، وهذا ، كما ترى ، خلاف الظّاهر لا ملزم لارتكابه ، على أنّ الحكم بالطّهارة أو الحلّيّة الظّاهريّة للشّيء المشكوك طهارته أو حلّيّته يدور مدار الشّكّ ، وجودا وعدما ، حدوثا وبقاء ، بلا حاجة إلى الاستصحاب أصلا ؛ بداهة ، أنّ مفاد الرّوايات هو جعل الحكم المستمرّ باستمرار الشّكّ ، لا استمرار الحكم المجعول المتيقّن حدوثا والمشكوك بقاء حتّى يكون استصحابا ، كما زعمه صاحب الفصول قدسسره ، هذا هو وجه عدم الحاجة هنا إلى الاستصحاب ، لا ما عن بعض المعاصرين من أنّ وجهه هو حكومة القاعدتين عليه. (١)
وممّا ذكرناه يظهر ، أنّ ما اختاره صاحب الفصول قدسسره وكذا المحقّق الخراساني قدسسره في الكفاية ، غير سديد ، ووجهه واضح ، نعم ، أورد المحقّق الخراساني قدسسره على مقالة صاحب الفصول قدسسره في تعليقته على الفرائد ، باستلزامها لاستعمال اللّفظ الواحد في أكثر من معنى واحد في ناحية المحمول ؛ إذ مقتضى هذه المقالة هو أن يكون المراد من قوله عليهالسلام : «نظيف» أو «طاهر» أو «حلال» جعل أصل الطّهارة أو الحلّيّة أوّلا ، واستمرارها بالاستصحاب ثانيا ، فهنا حكمان (الحكم بالطّهارة أو الحلّيّة ؛ والحكم باستمرارها) مستفادان من لفظ واحد (نظيف ، طاهر وحلال) ولازم ذلك استعمال لفظ واحد في أكثر من معنى واحد.
اللهم إلّا أن يقدّر ويقال : كلّ شيء نظيف أو حلال أو حلّيّته مستمرّة إلى العلم بالنّجاسة أو الحرمة.
__________________
(١) راجع ، المحصول في علم الاصول : ج ٤ ، ص ٦٣.