وفيه : أنّ هذا الإيراد بعينه يرد على مقالته قدسسره ، في الكفاية أيضا.
وأمّا مختاره قدسسره في تعليقته على الفرائد من أنّ مفاد الرّوايات ، صدرا وذيلا ، امور ثلاثة وهي الطّهارة والحلّيّة الواقعيّتان ، والطّهارة والحلّيّة الظّاهريّتان ، والاستصحاب ، بالتّقريب الّذي ذكرناه سابقا ، فقد استشكل عليه قدسسره المحقّق النّائيني قدسسره بوجوه ثلاثة :
الوجه الأوّل : ما هو راجع إلى مقام الثّبوت ، حاصله : أنّه لا يمكن اجتماع الحكم الواقعيّ والظّاهريّ في جعل واحد وإنشاء فارد ؛ إذ هما طوليّان ، أحدهما : وهو (الظّاهريّ) متأخّر عن الآخر (الواقعيّ) بمرتبتين.
توضيح ذلك : أنّ موضوع الحكم الظّاهريّ هو الشّكّ في الحكم الواقعيّ ، فلا بدّ في تحقّق حكم ظاهريّ من وجود الحكم الواقعيّ أوّلا ، والشّكّ في ذلك الحكم الواقعيّ ثانيا ، كما أنّ موضوع الحكم الظّاهريّ وهو الشّكّ في الحكم الواقعيّ متأخّر عن موضوع الحكم الواقعيّ بمرتبتين ـ أيضا ـ ؛ إذ لا بدّ من موضوع الحكم الواقعيّ ، ثمّ من تحقّق الحكم الواقعيّ ، ثمّ من الشّكّ في الحكم الواقعيّ ، وعليه ، فلا يمكن تحقّق الحكمين بجعل واحد ، وإلّا لزم كون المتأخّر عن الشّيء بمرتبتين في رتبته وهو خلف. (١)
والتزم بعض الأعاظم قدسسره بأنّه لا دافع لهذا الإشكال ، بناء على القول بكون الإنشاء عبارة عن إيجاد المعنى ؛ إذ لا يمكن إيجاد شيئين طوليّين بجعل واحد وإنشاء فارد ، وأمّا بناء على كون الإنشاء ، كالإخبار في الإبراز بلا فرق بينهما إلّا في المبرز
__________________
(١) راجع ، فوائد الاصول : ج ٤ ، ص ٣٦٨.