والبعيدة ، كالمصلحة أو المفسدة الكامنة ، والحسن أو القبح ، والحبّ أو البغض ، والشّوق والميل ، والإرادة أو الكراهة وغيرها وإن كانت امورا واقعيّة تكوينيّة لا يتطرّق إليها الجعل التّشريعيّ رأسا ، لكنّها خارجة عن محلّ الكلام بلا شبهة ؛ إذ الكلام إنّما هو في الشّرطيّة والمانعيّة ونحوهما بالنّسبة إلى نفس التّكليف المجعول ، كالوجوب والحرمة.
وقد أشرنا إلى كونهما منجعلين لما هو شرط للتّكليف أو مانع منه بنفس جعله وبتبع إنشاءه وتقنينه ، فنفس التّكليف مجعول بالأصالة ، وأمّا هذه الامور فمجعولة بالعرض والتّبع.
فتحصّل : أنّ القسم الأوّل من الحكم الوضعيّ منتزع مجعول بتبع التّكليف.
وأمّا القسم الثّاني من الحكم الوضعيّ ، كالشّرطيّة أو المانعيّة بالنّسبة إلى المكلّف به ، بمعنى : شرطيّة شرط الواجب أو الحرام ، أو مانعيّة المانع من الواجب أو الحرام ، فهو ـ أيضا ـ منتزع مجعول بتبع التّكليف ، بلا فرق بينه وبين القسم الأوّل من هذه الجهة ، وإنّما الفرق بينهما هو أنّ الشّرطيّة أو المانعيّة في القسم الأوّل منتزع من اعتبار وجود شيء أو عدمه في موضوع التّكليف وهو شخص المكلّف ، وهذا بخلاف القسم الثّاني ، فإنّ الشّرطيّة أو المانعيّة فيه منتزع من اعتبار وجود شيء أو عدمه في متعلّق التّكليف وهو نفس الفعل المكلّف به ، كاعتبار وجود الطّهارة أو التّستّر أو استقبال القبلة في الصّلاة ، وكاعتبار عدم جزء ما لا يؤكل لحمه فيها.
وبالجملة : إذا امر بشيء أو نهي عنه مقيّدا بوجود شيء أو بعدمه في موضوع التّكليف ، كالاستطاعة في الحجّ ، والحيض في الصّلاة ، فوجوده شرط للتّكليف أو