والمفروض أنّه لا شكّ في بقاءه في مورد الأمارات ، بل المتحقّق هو الشّكّ في البقاء على تقدير الثّبوت والحدوث ، ومقتضى هذا عدم جريان الاستصحاب عند قيام الأمارة على حدوث شيء لو شكّ في بقاءه ، لعدم اليقين بحدوث الحكم ، نظرا إلى احتمال عدم مصادفتها للواقع ، كما لا يخفى.
وأمّا بناء على الموضوعيّة ، فالحكم فيها ـ أيضا ـ يختلف باختلاف معنى الموضوعيّة ، فلو اريد بالموضوعيّة معنى كون قيام الأمارات على وجوب شيء ـ مثلا ـ موجبا لحدوث الملاك في الفعل مع تقييده بكون وجوبه مؤدّى للأمارة ، فيشكل ـ أيضا ـ جريان الاستصحاب بالنّسبة إلى الوجوب الواقعيّ والوجوب الظّاهريّ النّاشي من قيام الأمارة ؛ وذلك ، لعدم تعلّق اليقين بالوجوب الواقعيّ ، فلا يقين بحدوثه وعدم الشّكّ في بقاء الوجوب الظّاهريّ ، حيث إنّه كان مقيّدا بقيام الأمارة ، ولا دلالة لها عليه في الزّمان الثّاني ، وإلّا لما صار مشكوكا فيه ، وهذا لا فرق بين الشّبهة الحكميّة والموضوعيّة.
وقد مثّل بعض الأعاظم قدسسره لكلّ واحد منهما مثالا ، وأجاد فيما أفاده فيه ، حيث قال : «والاولى [الشّبهة الحكميّة] كما إذا أفتى مفت بوجوب شيء في زمان مع تردّده في الزّمان الثّاني ، فلا يجري استصحاب الوجوب في الزّمان الثّاني ، لكون الوجوب الواقعيّ مشكوكا من أوّل الأمر ، والوجوب الحادث لفتوى المفتي كان مقيّدا بالفتوى ، والمفروض كونه متردّدا في الزّمان الثّاني ، فهو معلوم الانتفاء ؛ والثّانية [الشّبهة الموضوعيّة] كما إذا قامت البيّنة على نجاسة ماء في الأمس ـ مثلا ـ ثمّ شكّ في بقاء نجاسته في اليوم ، فلا مجال لجريان الاستصحاب ؛ إذ النّجاسة الواقعيّة مشكوكة