من أوّل الأمر ، والنّجاسة الحادثة لقيام الأمارة مقيّدة بحال قيام الأمارة ، والمفروض قيام البيّنة على النّجاسة في الأمس دون اليوم ، فالنّجاسة الحادثة منتفية يقينا». (١)
وأمّا لو اريد بالموضوعيّة معنى كون قيام الأمارة على وجوب شيء ـ مثلا ـ موجبا لحدوث مصلحة في ذات الفعل بما هو هو بلا تقييده بما اشير إليه آنفا ، فلا إشكال في جريان الاستصحاب بالنّسبة إلى الوجوب الظّاهريّ حينئذ ، لصيرورته بعد قيام الأمارة متيقّنا ، فإذا شكّ في بقاءه ، يستصحب بلا مانع ، وهذا بخلاف الوجوب الواقعيّ ، فيشكل جريان الاستصحاب بالنّسبة إليه ، لكونه مشكوكا من أوّل الأمر.
وقد تصدّى المحقّق الخراساني قدسسره لدفع إشكال جريان الاستصحاب بناء على الطّريقيّة ، وبناء على بعض صور الموضوعيّة (٢) ، بقوله : «أنّ اعتبار اليقين إنّما هو لأجل أنّ التّعبّد والتّنزيل شرعا إنّما هو في البقاء ، لا في الحدوث ، فيكفي الشّكّ فيه على تقدير الثّبوت ، فيتعبّد به على هذا التّقدير ، فيترتّب عليه الأثر فعلا فيما كان هناك أثر».
وقال قدسسره في وجه دفع الإشكال بهذا البيان : «أنّ الحكم الواقعيّ الّذي هو مؤدّى الطّريق حينئذ محكوم بالبقاء ، فتكون الحجّة على ثبوته ، حجّة على بقاءه تعبّدا للملازمة بينه وبين ثبوته واقعا».
ثمّ إنّه قدسسره أورد على نفسه بقوله : «إن قلت : كيف ، وقد اخذ اليقين بالشّيء في
__________________
(١) مصباح الاصول : ج ٣ ، ص ٩٦.
(٢) والمراد به : هو ما اريد بالموضوعيّة معنى كون القيام على وجوب شيء ـ مثلا ـ موجبا لحدوث الملاك في العمل المقيّد يكون وجوبه مؤدّى للأمارة.