التّعبّد ببقائه ، في الأخبار ، ولا يقين في فرض تقدير الثّبوت» فأجاب قدسسره عن هذا الإيراد بما حاصله : إنّ ذكر اليقين في الأخبار ليس لأجل موضوعيّته ودخله في الاستصحاب ، بل إنّما يكون لأجل طريقيّته إلى الثّبوت ، فإذا قامت الأمارة على الثّبوت يتعبّد به ، لأجل قيام الأمارة ، وبالبقاء ، لأجل الاستصحاب الدّال على الملازمة بينهما. (١)
هذا ، ولكن يمنع عمّا قال قدسسره في وجه دفع الإشكال ، وكذا ما أجاب قدسسره عن الإيراد على نفسه.
أمّا قوله قدسسره في وجه دفع الإشكال ، فلأنّ هذا القول يقتضي أن يكون مفاد أدلّة الاستصحاب هو الحكاية والإخبار عن الملازمة بين البقاء والثّبوت واقعا ، فإن كان المراد منها هو الملازمة الواقعيّة ، يرد عليه أوّلا : أنّه لزم أن يكون الاستصحاب الحاكي عنها ، من الأمارات ، لا من الاصول العمليّة ، وهذا خلف ؛ وثانيا : أنّه لزم أن يكون الأمارة الدّالّة على الثّبوت ، دالّة على البقاء ، لدلالة دليل الملزوم على اللّازم بالالتزام ، كما يدلّ على نفس الملزوم بالمطابقة ، فالاستصحاب دالّ على الملازمة ، والأمارة دالّة على الحدوث والبقاء معا ، ونتيجة ذلك هو كون التّعبّد بالبقاء مستندا إلى الأمارة لا إلى الأصل ، وهذا كما ترى ؛ وثالثا : أنّه لا ملازمة واقعيّة بين الحدوث والبقاء ، كما لا يخفى.
وإن كان المراد من الملازمة هو الظّاهريّة التّعبّديّة ، يرد عليه أوّلا : أنّه لزم ـ أيضا ـ الانقلاب والخلف ؛ وثانيا : لزم أن يكون التّعبّد بالبقاء ، مستندا إلى الأمارة
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ٢ ، ص ٣٠٩ و ٣١٠.