يقينا ، ونشكّ في ارتفاعها ، فنستصحبها ، إلّا أنّه لا يجدي ؛ إذ لا تترتّب عليه نجاسة الملاقي ، إلّا على القول بالأصل المثبت ، لأنّ الحكم بنجاسة الملاقي يتوقّف على أمرين :
أحدهما : نجاسة الملاقى (بالفتح) ؛ ثانيهما : تحقّق الملاقاة خارجا ، ومن المعلوم جدّا : أنّ استصحاب وجود النّجاسة في العباء ليس من آثاره الشّرعيّة الملاقاة للنّجس ، بل هي من آثاره العقليّة ، ومعه لا تثبت بالاستصحاب نجاسة الملاقي للعباء. (١)
وفيه ما لا يخفى : إذ لقائل أن يقول : بالاستصحاب في مفاد «كان النّاقصة» بلا تعيين لموضع النّجاسة ، بتقريب : أنّ طرفا من هذا العباء كان نجسا سابقا ، فالآن كما كان ، وعليه ، فالملاقاة مع العباء محرزة بالوجدان ، ونجاسته محرزة بالتّعبّد ، فيحكم حينئذ بنجاسة الملاقي ، فتعود الشّبهة.
وأمّا التّعليل الّذي ذكره المحقّق النّائيني قدسسره لعدم إمكان جريان الاستصحاب في مفاد «كان النّاقصة» بأنّ أحد طرفي العباء ، مقطوع الطّهارة ، والطّرف الآخر مشكوك النّجاسة من أوّل الأمر ، فهو جار في جميع صور استصحاب الكلّيّ ؛ إذ الخصوصيّة في جميعها مجهولة غير معلومة ، نظير ما إذا دار الأمر بين الحدث الأصغر والأكبر على ما تقدّم ، حيث إنّ الحدث الأصغر بعد التّوضؤ مقطوع الزّوال ، والأكبر مشكوك الحدوث من أوّل الأمر ، وكذلك ما إذا دار الأمر بين الفيل والبقّ بعد مضيّ زمان لا يبقى البقّ بعده ، حيث إنّ البقّ مقطوع الزّوال حينئذ ، والفيل مشكوك الوجود من أوّل الأمر ، فمثل هذا الأمر لا يمنع عن جريان الاستصحاب في الكلّيّ ، بداهة ، قوام الاستصحاب باليقين والشّكّ وهما حاصلان في الفرض.
__________________
(١) راجع ، مصباح الاصول : ج ٣ ، ص ١١١.