تجري قاعدة الفراغ بالنّسبة إلى الصّلاة الماضيّة ، واستصحاب الحدث بالنّسبة إلى الصّلاة الآتية ، مع أنّه يحصل له العلم إجمالا بعدم مطابقة القاعدة أو الاستصحاب للواقع ، والسّر فيه ، عدم ترتّب أثر عليهما إلّا المخالفة الالتزاميّة وهي لا تمنع عن جريانهما. (١)
هذا كلّه في الاصول المثبتة للتّكليف على خلاف المعلوم بالإجمال ، كما في مورد العلم بطهارة أحد المائعين المعلوم نجاستهما سابقا.
وأمّا الاصول النّافية له ، كما في مورد العلم بنجاسة أحد المائعين المعلوم طهارتهما سابقا ، فالاستصحاب لا يجري في طرفي العلم الإجماليّ ، لأجل لزوم التّرخيص في المعصية ، فأدلّة الاصول لو فرض شمولها لأطراف العلم الإجماليّ ، لا بدّ من تخصيصها عقلا بغير صورة لزوم التّرخيص في المعصية. هذا تمام الكلام في المقام الثّاني.
المقام الثّالث : (إمكان جعل الحكم الظّاهريّ ثبوتا في بعض الأطراف وامتناعه) فالمعروف هنا إمكان جعل الحكم الظّاهريّ في بعض الأطراف ، نظرا إلى أنّ العلم الإجماليّ ليس علّة تامّة لوجوب الموافقة القطعيّة ، بل هو علّة تامّة لحرمة المخالفة القطعيّة فقط.
ولكن في قباله قول بامتناع الجعل ، مستندا إلى وجهين :
الأوّل : ما أفاده المحقّق الخراساني قدسسره من ثبوت الملازمة في الإمكان والاستحالة بين جعل الحكم الظّاهريّ وإجراء الاصول في جميع الأطراف ، وبين جعله في بعضها ؛ بدعوى : أنّه لا فرق بين العلم الإجماليّ والتّفصيليّ في انكشاف الواقع ؛ إذ
__________________
(١) راجع ، مصباح الاصول : ج ٢ ، ص ٣٤٧.