الشّرعيّة في أبواب مختلفة مع أنّه ممّا لم يلتزم به أحد ، بلا فرق بين كونها في الأحكام التّكليفيّة ، نظير ما إذا علم بوجوب الصّوم عليه إلى مدّة معيّنة بنذر أو شبهه ، فشكّ بعد انقضاءه تلك المدّة في وجوبه عليه لاحتمال نذره ثانيا مقارنا لانقضاء زمان النّذر الأوّل ، وبين كونها في الأحكام الوضعيّة ، نظير ما إذا تزوّج زيد هندا انقطاعيّا إلى مدّة علم بانقضائها ، فشكّ بعد تلك المدّة في بقاء الزّوجيّة لاحتمال تزويجها ثانيا مقارنا لانقضاء المدّة ، ففى أمثال هذه الأمثلة وإن كان لا يجري الاستصحاب في الأسباب ، حيث إنّ الفرد الأوّل من السّبب الّذي كان متيقّنا قد ارتفع قطعا ، والفرد الثّاني منه مشكوك الحدوث من أوّل الأمر ، لكن لازم ما ذكر في هذا التّذنيب جواز جريان الاستصحاب في المسبّبات والآثار ، كنفس الزّوجيّة ووجوب الصّوم ، مع أنّ هذا ممّا لم يقل به أحد.
قلت : قياس الأمثلة بما ذكر في التّذنيب مع الفارق ؛ بداهة ، أنّ الأمثلة إنّما تكون من باب القسم الثّالث من استصحاب الكلّيّ ؛ إذ الفرد المتيقّن من الزّوجيّة ـ مثلا ـ قد ارتفع وانعدم بانقضاء أجله ؛ والفرد المشكوك منها يكون مشكوك الحدوث من أوّل الأمر ، فالمشكوك في الزّمان اللّاحق غير الفرد المتيقّن في الزّمان السّابق ، فلا مجال للاستصحاب أصلا ، بل الأصل هنا يقتضي عدم حدوث المشكوك من الفرد في الزّمان اللّاحق ، وهذا بخلاف ما في التّذنيب من مثال الخيمة والعمود ؛ إذ المستصحب هنا امر وحدانيّ شخصيّ وهو هيئة الخيمة لا يتبدّل ولا يتعدّد بتبدّل الأعمدة وتعدّدها.
أضف إلى ذلك ، أنّ السّببيّة والمسبّبيّة في الأمثلة إنّما تكون شرعيّة تعبّديّة ، ومقتضى ذلك أنّ استصحاب المسبّب والأثر ، كالزّوجيّة ـ مثلا ـ يكون مبتلى