بالأصل الحاكم وهو أصالة عدم حدوث فرد جديد من السّبب ، فيترتّب عليه عدم المسبّب شرعا ، وهذا بخلاف مثال الخيمة ؛ إذ السّببيّة والمسبّبيّة فيه عقليّ محض ، فلا يجري الأصل في السّبب (أصالة عدم حدوث عمود جديد) حتّى يقدّم على استصحاب المسبّب (هيئة الخيمة) ويترتّب عليه عدمه.
التّذنيب الثّاني : قد عرفت القسم الثّاني من استصحاب الكلّي ولاحظت بعض أمثلته العرفيّة ، كالبقّ والفيل ، وكذا بعض أمثلته الشّرعيّة ، كالحدث المردّد بين الأكبر والأصغر فيما إذا خرج البلل المردّد بين البول والمنيّ فتوضّأ ، وحيث إنّ هذا الفرض كان له صور وشقوق متعدّدة من جهة الجهل بالحالة السّابقة على خروج البلل ، أو العلم بها من حيث الطّهارة أو الحدث من الأكبر أو الأصغر وكانت مبتلى بها ، نتعرّض لها تبعا للمحقّق العراقيّ قدسسره (١) وأفردنا كلّ واحدة من صورها بالبحث من جهة جريان الاستصحاب وعدمه.
الاولى : عدم العلم بالحالة السّابقة ، أو العلم بكونها هي الطّهارة ، والتزم المحقّق العراقي قدسسره فيها بجريان استصحاب الحدث ، وبأنّ هذا هو المتيقّن من مورد كلماتهم.
وجه ذلك واضح جدّا ؛ لأنّه حين خروج البلل المردّد (البول والمنيّ) تيقّن بحدوث طبيعيّ الحدث ، فإذا توضّأ يشكّ في ارتفاعه ، فيجري استصحاب هذا الجامع الكلّيّ بلحاظ ما له من الأثر المشترك فيه وهو عدم جواز مسّ كتابة القرآن وعدم جواز الدّخول في الصّلاة أو الطّواف.
__________________
(١) راجع ، نهاية الأفكار : ج ٤ ، ص ١٣٨ و ١٣٩.