التّدريجيّ على أقسام :
منها : أن يكون منشؤه هو الشّكّ في المقتضي ، كما إذا شكّ في جريان الماء ، أو في سيلان دم الحيض ، للشّكّ في كميّة المبدا ومقدار استعداد العروق المائيّة المودعة في بطن الأرض لجريان الماء ، أو مقدار استعداد عروق الدّم الكامنة في باطن الرّحم.
ومنها : ما يكون منشؤه هو الشّكّ في الرّافع ، كما إذا شكّ في جريان الماء الجاري ، أو سيلان دم الحيض ؛ لاحتمال حدوث مانع منه وطروّ رافع له ، وكما إذا شكّ في بقاء التّكلّم ، لاحتمال طروّ صارف عن الدّاعي الّذي دعاه إلى التّكلّم.
ومنها : ما يكون منشؤه هو احتمال حدوث داع آخر ، أو مبدإ آخر ، أو مادّة اخرى بعد الفراغ عن العلم بارتفاع الأوّل ، كما إذا شكّ في بقاء التّكلّم لاحتمال انقداح داع آخر له بعد العلم بارتفاع الدّاعي الأوّل ، وكما إذا شكّ في بقاء السّفر ، لاحتمال عروض داع آخر بعد العلم بزوال الدّاعي الأوّل الّذي دعاه إلى مسافة معيّنة.
والحقّ جريان الاستصحاب في جميع تلك الأقسام ، أمّا القسم الأوّل فلإطلاق أدلّة الاستصحاب وشمولها لها ـ أيضا ـ على ما تقدّم في موقف البحث عن الأدلّة وهي الرّوايات ؛ وأمّا القسم الثّاني والثّالث ، فلعدم الإشكال فيهما.
هذا ، ولكن ذهب المحقّق النّائيني قدسسره إلى عدم جريان الاستصحاب في الامور التّدريجيّة ، مدّعيا بأنّه راجع إلى الوجه الثّاني من القسم الثّالث من أقسام استصحاب الكلّيّ.
توضيح كلامه قدسسره : إنّ وحدة الامور التّدريجيّة وتعدّدها ، إنّما هو بوحدة الدّاعي وتعدّده ، فمع تعدّد الدّاعي تتعدّد الامور التّدريجيّة وتنثلم وحدتها ، ألا ترى ،