ارتفاع الأمر المتصرّم عليه ، إنّما يكون إجراء للأصل المثبت بلا شبهة ، فلا مجال للحكومة.
ثمّ إنّه لا يخفى : أنّ التّكلّم مع كونه من الامور المتصرّمة غير القارّة ، يفارق الحركة ويمتاز عنها ؛ إذ ليس له هويّة واحدة حقيقة ، وشخصيّة فاردة واقعا ، حيث يتخلّل في أثناءه السّكوت قهرا ولو بقدر التّنفّس ، لكن لمّا كانت له وحدة اعتباريّة عرفيّة ، بحيث تعدّ عند العرف عدّة من الجملات المتّصلة المتسلسلة المتعاقبة ، موجودا واحدا ، جرى فيه ـ أيضا ـ الاستصحاب ، لانحفاظ اتّحاد القضيّتين (المتيقّنة والمشكوكة) بالوحدة الاعتباريّة ، ألا ترى ، أنّ الصّلاة مع كونها مركّبة من امور مختلفة ، كمقولة الكيف والوضع ، واحدة بوحدة اعتباريّة ، وعليه ، فالتّكلّم يجري فيه الاستصحاب بلا فرق بين أقسام الشّكّ المتقدّمة. هذا كلّه في الزّمانيّ المتدرج.
وأمّا الزّمانيّ المستقرّ المقيّد بالزّمان ، فالشّكّ فيه تارة يكون من ناحية الشّبهة الموضوعيّة ، واخرى من ناحية الشّبهة الحكميّة.
أمّا الشّبهة الموضوعيّة ، فيجري فيها الاستصحاب ، بلا خلاف وشبهة ، سواء كان الفعل المقيّد بالزّمان مقيّدا بعدمه ، أم بوجوده ، فإذا فرض أنّ الصّيام والإمساك مقيّد بعدم مجيء المغرب ، أو جواز الأكل والشّرب مقيّد بعدم طلوع الفجر ، يستصحب العدمان (عدم المغرب ، وعدم طلوع الفجر) فيترتّب وجوب الإمساك وجواز الأكل والشّرب ؛ وإذا فرض أنّ المستفاد من لسان الدّليل هو كون الفعل مقيّدا بوجود النّهار ، أو بوجود اللّيل ، يستصحب نفس الزّمان من النّهار أو اللّيل على ما تقدّم.