غاية ، عبارة عن بقاء الحكم ، فاستصحابه ليس إلّا استصحاب الحكم ، فلا مجال له ـ أيضا ـ لما عرفت من الإشكال في استصحاب الحكم في الشّبهة الحكميّة النّاشئة من الشّبهة المفهوميّة ، أو من تعارض الأدلّة ، هذا بالنّسبة إلى القسمين الأوّلين (من الأقسام الأربعة للشّبهة الحكميّة).
أمّا القسم الثّالث (الشّكّ في الحكم لأجل احتمال حدوث تكليف آخر جديد) : فالصّواب فيه عدم جريان الاستصحاب بالإضافة إلى وجود التّكليف السّابق ؛ لعدم الشّكّ في بقاءه ، بل المتيقّن زواله وارتفاعه ، وجريانه بالإضافة إلى عدمه ، بناء على القول بحجّيّة الاستصحاب في الأعدام الأزليّة ، لكون الشّكّ حينئذ في حدوث تكليف جديد ، والأصل عدمه ؛ وأمّا بناء على القول بعدم حجّيّته فيها ، فلا يجري الاستصحاب في المقام ؛ فلذا ذهب المحقّق النّائيني قدسسره (١) إلى عدم جريان استصحاب العدم وأنّ المرجع هو الاشتغال أو البراءة ، فقال ، ما محصّله : أمّا استصحاب عدم المجعول وهو الحكم ، فلا يجري ، لكونه استصحابا للعدم الأزليّ الثّابت عند عدم موضوعه المعبّر عنه بالعدم المحموليّ (مفاد ليس التّامة) ؛ وأمّا استصحاب عدم الجعل ـ بتقريب : أنّ جعل الوجوب للجلوس في المثال المتقدّم بعد الزّوال ، مشكوك فيه فالأصل عدمه ـ فهو من الاصول المثبتة ، حيث إنّه لا أثر له إلّا عدم المجعول الّذي يكون من لوازم عدم الجعل عقلا.
ولكن يمكن الجواب عنه أوّلا : بأنّ استصحاب العدم الأزليّ قد عرفت ما فيه من النّفي والإثبات ، والنّقض والإبرام ، وعرفت منّا ـ أيضا ـ تارة إثباته ، واخرى
__________________
(١) راجع ، فوائد الاصول : ج ٤ ، ص ٤٤٢ إلى ٤٤٨.