الحكومة ، وثانيا : لو فرض إثباتهما ، فلا مجال ـ أيضا ـ لعدم ترتّب أثر شرعيّ على الأصل السّببيّ.
وقد تفطّن المحقّق النّائيني قدسسره لهذا الوجه الثّاني ، حيث أورد على نفسه : ب «أنّ» عدم حلّيّة الزّبيب وطهارته ، ليس من الآثار الشّرعيّة المترتّبة على حرمة العنب المغليّ ونجاسته ، بل لازم جعل حرمه العنب ونجاسته مطلقا حتّى مع تبدّله إلى الزّبيب ، هو عدم حلّيّة والطّهارة عقلا ، وإلّا لزم اجتماع الضّدّين ، فاستصحاب الحرمة والنّجاسة التّعليقيّة لا يثبت عدم حلّيّة الزّبيب المغليّ وطهارته ؛ لأنّ إثبات أحد الضّدّين بالأصل لا يوجب رفع الضّدّ الآخر ، إلّا على القول باعتبار الأصل المثبت».
وأجاب قدسسره عنه بالفرق بين السّببيّة والمسبّبيّة الجارية في الشّبهات الحكميّة ، وبينها الجارية في الشّبهات الموضوعيّة ، بأنّ شرطيّة التّرتّب الشّرعيّ إنّما هو في الاستصحاب الموضوعيّة ، وأمّا الاستصحابات الحكميّة فيترتّب عليها جميع الآثار حتّى العقليّة ؛ وذلك ، لأنّ أحد طرفي المشكوك فيه بالشّكّ المسبّبيّ في الشّبهات الموضوعيّة إنّما هو من آثار المشكوك فيه بالشّكّ السّببيّ شرعا ، مع قطع النّظر عن التّعبّد بالأصل الجاري في السّبب ، وعند ذلك يرفع الأصل السّببي موضوع الأصل المسبّبي ، وأمّا الشّبهات الحكميّة فلا يعتبر فيها ذلك ، بل نفس التّعبّد بالأصل السّببيّ يقتضي رفع الشّكّ المسبّبيّ شرعا ؛ لأنّ المسبّب يصير أثرا شرعيّا للسّبب بالتّعبّد بالأصل الجاري فيه.
ثمّ ذكر قدسسره سرّ ذلك ، فراجع كلامه قدسسره. (١)
__________________
(١) فوائد الاصول : ج ٤ ، ص ٤٧٧.