الآخر لترتّب عليه الأثر» ، مضافا إلى كونه أمرا عقليّا ، كما عرفت في الوجه الثّاني ، يكون مقطوع البقاء في كلّ مركّب وجد أحد جزئيه ، فلا معنى لاستصحابه ، ألا ترى ، أنّ العنب المجرّد عن الغليان ليس له أثر إلّا كونه لو انضمّ إليه الغليان لثبتت حرمته وعرضت عليه النّجاسة ، وهذا المعنى ممّا لا شكّ في بقاءه ، فلا يجري الاستصحاب في مثل ذلك. (١)
هذا ، ولكن لا يخفى ضعفه تلك الوجوه :
أمّا الوجه الأوّل ، فللإيراد عليه : أوّلا : بأنّ الحكم المعلّق على شيء مركّب ، كما تقدّم ، ليس عدما محضا ، بل هو حكم متعلّق للجعل ، له ثبوت ، غاية الأمر ، يكون ثبوته تعليقيّا باعتبار كون أحد جزئي موضوعه متحقّقا ، لا يترتّب عليه الأثر الفعليّ إلّا بتحقّق جزءه الآخر ، وهذا المقدار من الثّبوت كاف في جريان الاستصحاب.
وثانيا : بأنّ المعتبر في الاستصحاب ، كما تقدّم ـ أيضا ـ ليس إلّا أمرين : أحدهما : فعليّة الشّكّ واليقين ؛ ثانيهما : كون المتيقّن ذا أثر شرعيّ ، وأمّا فعليّة المتيقّن ، فلا تعتبر ، والمفروض أنّ اليقين والشّكّ هنا فعليّان متعلّقان بقضيّة تعليقيّة شرعيّة ، موضوعها العنب الّذي تبدّل بعض حالاته بأن صار زبيبا ، فيجري استصحاب هذه القضيّة ويتعبّد ببقائها ويكون أثر القضيّة المستصحبة حرمة العصير الزّبيبيّ إذا غلى ، بل المستصحب في هذا المثال هو نفس الحرمة المعلّقة الّتي تصير فعليّة بفعليّة ما علّق عليه من الغليان.
وأمّا الوجه الثّاني : فلما تقدّم من أنّ مصبّ الكلام ومورد النّقض والإبرام في
__________________
(١) راجع ، فوائد الاصول : ج ٤ ، ص ٤٦٣ إلى ٤٦٦.