الملازمة ، بل هو في العصير الزّبيبيّ ، وهذا ـ أيضا ـ لا من ناحية النّسخ ، بل لأجل أنّ سببيّة الغليان للحرمة هل تدور مدار العنبيّة ، أم تبقى مع صيرورة العنب زبيبا ، أيضا؟ فلا يكون الشّكّ من ناحية النّسخ ، كي يورد بأنّ استصحاب عدم النّسخ غير الاستصحاب التّعليقيّ.
ثانيهما : ما عن الإمام الرّاحل قدسسره من الإشكال المثبتيّة ، بأنّ جعل الملازمة والسّببيّة وإن كان شرعيّا ، لكن وجود اللّازم والمسبّب عند وجود صاحبهما عقليّ ، فيكون مثبتا. (١)
وجه عدم تماميّة هذا الإيراد : أنّ مقتضى استصحاب السّببيّة حال الزّبيبيّة هو أنّ الشّارع جعلها في هذه الحال ـ أيضا ـ كحال العنبيّة ، ومعنى ذلك تعميم دليل العصير العنبيّ إذا غلى يحرم لهذه الحال كتلك الحال ، فالاستصحاب يتمّم الدّليل الاجتهاديّ ، فكأنّه قيل : العصير الزّبيبيّ إذا غلى يحرم.
وعليه : فكما أنّ ترتّب الحرمة على العصير العنبيّ بشرط الغليان ، أمر شرعيّ ، كذلك ترتّبها على العصير الزّبيبيّ بشرطه ، أمر شرعيّ ، فلا يلزم جريان الأصل المثبت.
وبعبارة أوضح : معنى استصحاب السّببيّة حال الزّبيبيّة ، أنّ الحرمة لا تدور مدار العنبيّة فقط ، بل حكم لجسم خاصّ وهو العصير عند غليانه ، سواء كان من العنب أو من الزّبيب ، فدليل العصير العنبي إذا غلى يحرم ، يعمّ العصير العنبيّ بالأصالة ، والعصير الزّبيبيّ بمعونة الأصل ، فالسّببيّة الشّرعيّة إنّما تحرز حال الزّبيبيّة بالاستصحاب تعبّدا ، وتترتّب عليها آثارها الشّرعيّة قهرا ، وهذا ليس من الأصل المثبت أصلا.
__________________
(١) راجع ، الاستصحاب : ص ١٣٨.