الغليان في الخارج حتّى يقال : إنّ استصحابها ـ أيضا ـ كاستصحاب الحرمة ، تعليقيّ ؛ إذ السّببيّة إنّما استفيدت من القضيّة الشّرطيّة الشّرعيّة وهي قولنا : العصير العنبيّ إذا غلى يحرم ، ومن المعلوم ، أنّ صدق القضيّة الشّرطيّة لا يتوقّف على صدق طرفيها. (١)
ولكن يرد عليه : بأنّ هذا الكلام إنّما يتمّ لو كانت الملازمة والسّببيّة مجعولة شرعا ، فيكون التّرتّب ، حينئذ ، بين الغليان والحرمة وهما : السّبب والمسبّب ، فلا يلزم القول بالأصل المثبت ، وأمّا لو لم يكن مجعولة شرعا ، بل هي منتزعة عن التّكليف ، كما هو مختاره قدسسره فلا مجال للاستصحاب حينئذ ؛ بداهة ، أنّه لو فرض عدم جريان الاستصحاب في منشأ الانتزاع وهو التّكليف (الحرمة حال الزّبيبيّة) ، فلا يجري الاستصحاب في الوضع الّذي يكون منتزعا منه.
وقد اورد على هذا الكلام ـ أيضا ـ بوجهين آخرين غير تامّين :
أحدهما : ما عن المحقّق النّائيني قدسسره محصّله : أنّ الملازمة بين العنب المغليّ وبين نجاسته وحرمته ، ملازمة بين تمام الموضوع والحكم ، والشّكّ في بقاء الملازمة بين الموضوع والحكم ، لا يعقل إلّا بالشّكّ في نسخ الملازمة ، فيرجع إلى استصحاب عدم النّسخ ، ولا إشكال فيه وهو غير الاستصحاب التّعليقيّ المصطلح عليه. (٢)
وجه عدم تماميّة هذا الإيراد : هو أنّ الموضوع ليس العنب المغليّ ، بل هو العنب ؛ لما تقدّم من رجوع القيد إلى الحكم لا الموضوع هذا ، مضافا إلى أنّ الشّكّ ليس في مورد العصير العنبيّ المغليّ حتّى يقال : لا يعقل هذا الشّكّ إلّا بالشّكّ في نسخ
__________________
(١) راجع ، فرائد الاصول : ج ٣ ، ص ٢٢٣ و ٢٢٤.
(٢) راجع ، فوائد الاصول : ج ٤ ، ص ٤٧٢.