المتماثلين لما كان منهما في تلك الشّريعة ـ فلا مجال للاستصحاب على هذا التّقدير ؛ لليقين بالزّوال والارتفاع ، فلا شكّ في البقاء كي يجري فيه الاستصحاب ؛ وإمّا تكون ناسخة لبعضها ، فلا مجال للاستصحاب على هذا التّقدير ـ أيضا ـ ؛ إذ بقاء الحكم السّابق وإن كان محتملا هنا ، إلّا أنّ البقاء حينئذ يحتاج إلى الإمضاء من ناحية الشّريعة اللّاحقة ، وإثبات الإمضاء باستصحاب عدم النّسخ والبقاء ، لا يتأتّى إلّا على القول بالأصل المثبت ، كما لا يخفى.
وفيه : أنّ الالتزام بنسخ الشّريعة اللّاحقة لجميع ما في السّابقة من الأحكام ، لا موجب له ولا إلزام بعد ما سلّم من كون كلّ لا حقة مكمّلة للسّابقة ومتمّمة لها لا ناسخة مبطلة لها بالمرّة.
وأمّا مسألة الإمضاء ، فمتحقّقة بأدلّة الاستصحاب والحكم بالبقاء ، فنفس أدلّة الاستصحاب كافية في مسألة الإمضاء والحكم بالبقاء ؛ وذلك ، لأنّ مقتضى الاستصحاب هو الحكم ببقاء كلّ ما شكّ في بقاءه بعد الفراغ عن اليقين بثبوته ، سواء كان ذلك من أحكام الشّريعة السّابقة ، أو من أحكام الشّريعة اللّاحقة ، أو من الموضوعات الخارجيّة ، فالاستصحاب والأصل في الفرض ، كالحديث والنّص ولو دلّ على البقاء في اللّاحقة ، أيضا.
وقد يقال في منع جريان استصحاب البقاء وأصالة عدم النّسخ : بأنّا نعلم إجمالا بنسخ كثير من أحكام الشّريعة السّابقة ، فكلّ حكم نشكّ في نسخه ، يكون من أطراف هذا العلم الإجماليّ ، وقد قرّر في محلّه عدم جريان الاصول في أطراف العلم الإجماليّ ، لأجل لزوم معارضة أدلّتها صدرا وذيلا ، أو تعارضها لو جرت ، وعليه ،