شرعيّة ، فإذا جرى الاستصحاب في عدالة زيد ـ مثلا ـ واحرز أنّه عادل تعبّدا ، تصير صغرى لكبرى «تجوز وتقبل شهادة العادل» كما أنّه إذا شهد حينئذ عند الحاكم برؤية الهلال وضمّ إليه شاهد آخر ، تصير صغرى لكبرى «إذا شهد عدلان برؤية الهلال لدى الحاكم يحكم بأنّ الغد عيد» وإذا ثبتت عيديّة الغد تصير صغرى لكبرى «تجب أو تستحبّ صلاة العيد» فالآثار الشّرعيّة المترتّبة على روية الهلال المحرزة بشهادة العدلين ، تترتّب بأسرها حتّى ما كانت مترتّبة بوسائط شرعيّة ، وأمّا الآثار العقليّة والعادية ، فلا كبرى شرعيّة بالنّسبة إليها.
ثمّ إنّه يظهر ممّا ذكرناه ، من أنّ الأمارات المعتبرة علوم عادية عقلائيّة ، ـ كالعلوم واليقينيّات المنطقيّة والعقليّة ـ الّتي أمضاها الشّرع وأنّها ليست بعلوم تعبّديّة ولذا تكون مثبتاتها كمثبتات العلوم حجّة ، ضعف ما في كلام المحقّق النّائيني قدسسره ومبناه في الأمارة ، من أنّ المجعول في باب الأمارات هي الطّريقيّة واعتبارها علما تعبّديّا ، فكما يقتضي العلم الوجدانيّ بالشّيء ترتّب آثاره وآثار لوازمه ، فكذلك العلم التّعبّديّ الجعليّ ، بخلاف الاستصحاب ؛ إذ ليس المجعول فيه إلّا الجري العمليّ على طبق اليقين السّابق ، وحيث إنّ اللّازم لم يكن متيقّنا فلا وجه للتّعبّد به ، فالفرق بين الأمارة والأصل إنّما هو من ناحية المجعول. (١)
وجه ظهور الضّعف : على ما أشرناه ، هو أنّ الأمارات علوم عقلائيّة عاديه لا تعبّديّة جعليّة ، بل يمكن أن يدّعى أنّ العلوم ـ غالبا ـ من هذا القبيل ؛ إذ اليقين والعلم العقليّ المنطقيّ نادر جدّا في الامور الشّرعيّة أو العرفيّة ، وهذا بخلاف
__________________
(١) راجع ، فوائد الاصول : ج ٤ ، ص ٤٨٤ إلى ٤٩١.