إذا عرفت هذا التّنبيه ، فاعلم ، أنّ المحتمل في كبرى «لا ينقض اليقين بالشّكّ» اثنان : أحدهما : ما عن الشّيخ الأنصاري قدسسره ومن تأخّر عنه من إقامة المشكوك مقام المتيقّن وترتيب آثار المتيقّن على المشكوك ، فعلى هذا يصير معنى الكبرى المذكورة هكذا : اعمل على طبق اليقين ، ولا تعتن بمشكوكيّة الشّيء بقاء بعد ما كان متيقّنا حدوثا ؛ ثانيهما : إبقاء اليقين والأمر ببقائه تعبّدا وأنّ نفس اليقين بما هو أمر مبرم لا ينبغي أن ينقض بأمر غير مبرم ، فعلى هذا يصير معنى الكبرى المذكورة هكذا : اعمل على طبق اليقين ، ولا تعتن بالشّكّ في البقاء بعد الفراغ عن اليقين بالحدوث.
وعليه : فالاستصحاب ناظر إلى مشكوكيّة البقاء أو إلى الشّكّ في البقاء في ما إذا كان الشّيء متيقّن الحدوث ، أو إذا كان هناك يقين بالحدوث ، فيترتّب حينئذ آثار المتيقّن أو اليقين ، والمفروض أنّ اللّوازم العادية أو العقليّة أو الملزومات أو الملازمات لم تكن نفسها متيقّنة حدوثا ، فضلا عن آثارها الشّرعيّة المترتّبة عليها ، فلا تعمّها أدلّة الاصول ، ولا تكون مشمولة للتّنزيل والتّعبّد.
وإن شئت ، فقل : إنّه ليس مفاد الاستصحاب إلّا ترتيب آثار ما كان متيقّنا حدوثا ، أو آثار اليقين بالحدوث ، ولا متيقّن أو يقين بالنّسبة إلى اللّوازم والملزومات والملازمات حتّى تترتّب عليها آثارها الشّرعيّة ، فهذه الامور أنفسها فضلا عن آثارها ، خارجة عن أدلّة الاصول موضوعا وتخصّصا ، فلا يصل الدّور إلى القول بانصراف أدلّة الاصول عن الآثار غير الشّرعيّة أو القول بعدم الإطلاق لها أو أنّ هذه الامور لا تنالها يد الشّرع.
أو فقل : إنّ الاستصحاب في الموضوعات يتكفّل إثبات صغرى لكبرى