ذلك الأثر مجعولا بالاستقلال أو بالتّبع ، فلا مانع من جريان استصحاب الشّرط أو الجزء أو المانع لترتيب الشّرطيّة أو الجزئيّة أو المانعيّة بلا لزوم المثبتيّة. (١)
ولكن أورد بعض الأعاظم قدسسره (٢) على تلك الموارد الثّلاثة بما لا يخلو بعضه عن ضعف :
أمّا المورد الأوّل ، فحاصل إيراده قدسسره عليه ، هو أنّ جريان الاستصحاب في الفرد وإن كان ممّا لا اشكال فيه ، كيف ، ولو منع منه لانسدّ باب الاستصحاب ، إلّا أنّ جريانه في الفرد ليس لأجل اتّحاده مع الكلّيّ في الخارج ، بل لأجل كون الأثر أثرا لنفس الفرد لا للكلّيّ ؛ إذ الأحكام إنّما هي للأفراد وإن كانت مجعولة على نهج القضايا الحقيقيّة ، لأنّ الكلّيّ بما هو هو لا حكم له ولا أثر عليه ، وإنّما يؤخذ في موضوع ليشار به إلى أفراده ، كما أنّ الخصوصيّات الفرديّة ـ أيضا ـ لا دخل لها في ثبوت الحكم.
وفيه : أنّ مصبّ الأحكام وموضوعها ليس إلّا الكلّيّ والطّبيعيّ ، لكن لا بما هو هو ؛ إذ هو حينئذ ليس إلّا هو ، بل باعتبار الوجود مع أيّ فرد وأيّة خصوصيّة ، بمعنى : أنّه لا دخل لخصوصيّة خاصّة من الخصوصيّات الفرديّة في وجود الكلّيّ ، فالحكم والأثر ليس للفرد بما هو فرد ، وإلّا لزم اختصاصه بذلك الفرد فقط وعدم ترتّبه على فرد آخر ، فحكم الحرمة والنّجاسة إنّما يكون لطبيعيّ الخمر باعتبار الوجود لا لخصوص هذا الخمر أو ذاك أو ذلك ، كما أنّ الأحكام الإيجابيّة أو التّحريميّة
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ٢ ، ص ٣٢٩ و ٣٣٠.
(٢) راجع ، مصباح الاصول : ج ٣ ، ص ١٧٠ و ١٧١.