فتجري أصالة عدم الارتفاع إلى زمان العلم به إن كان له أثر ، ولا مجال لإثبات تأخّر الارتفاع أو حدوثه في زمان لا حق إلّا على القول بالأصل المثبت.
أمّا القسم الثّاني (لحاظ التّقدّم والتّأخّر بالنّسبة إلى حادث آخر) ، فله صور متعدّدة ، قبل الورود في ذكرها ينبغي تقديم مقدّمة وهي إنّ موضوع الحكم وما يترتّب عليه الأثر لا يخلو عن إحدى الحالتين : أحدهما : أن يكون بسيطا ؛ ثانيهما : أن يكون مركّبا ، أمّا إذا كان بسيطا ـ كالحدوث أو التّأخّر المذكور في المثال الّذي تقدّم ذكره في القسم الأوّل ـ فقد عرفت عدم إثباته بالاستصحاب إلّا على القول بالأصل المثبت ، ومن هنا ذكرنا ، إنّ استصحاب عدم عدالة زيد إلى يوم الخميس لا يثبت تأخّر حدوثها عن يوم الأربعاء أو حدوثها في يوم الخميس.
وأمّا إذا مركّبا من جزءين ، فلا مانع من جريان الاستصحاب فيه إذا كان أحد جزئيه محرزا بالوجدان ، والآخر بالاستصحاب ، وذلك نظير موضوع الإرث من الوالد ، حيث إنّه مركّب من موت الوالد وحياة الولد في ذلك الحين ، فلو شكّ في حياة الولد حين موت الوالد ، يجري استصحاب حياته فتحرز به ، والمفروض إحراز موت الوالد بالوجدان ، فيترتّب عليه أثر الإرث ؛ ونظير موضوع جواز التّقليد ، حيث إنّه مركّب من العلم والعدالة ، فإذا صار زيد العادل عالما فقيها ، ثمّ شكّ في بقاء عدالته وارتفاعها ، يجري استصحاب عدالته السّابقة المتيقّنة ، فتحرز به ، والمفروض أنّ علمه محرز بالوجدان ، فيترتّب عليه أثر جواز التّقليد.
هذا حال الاستصحاب في موضوع الحكم ، وكذلك حاله في متعلّق الحكم ، فإذا كان مركّبا ، يجوز استصحاب أحد جزئيه المشكوك مع إحراز الجزء الآخر