وفيه : أنّ السّببيّة لا بدّ وأن تكون شرعيّة ، كما إذا غسل ثوب متنجّس بماء مشكوك الطّهارة ، فيجري الاستصحاب بالنّسبة إلى الماء وهو حاكم على جريان الاستصحاب في الثّوب ، وهذا بخلاف المقام ، فإنّ السّببيّة فيه عقليّة ، كما لا يخفى.
إذا عرفت تلك المقدّمة ، فلنشرع إلى ذكر الصّور في الحادثين المفروضين ، فنقول : الصّور المتصوّرة فيهما ثمان ؛ إذ الحادثان ، إمّا يفرض فيهما الجهل بتاريخهما ، وإمّا يفرض الجهل بتاريخ أحدهما ، وفي كلا الفرضين صور أربع ،
أمّا صور فرض الجهل بتاريخ الحادثين : فالاولى : ما إذا كان الأثر فيهما للوجود الخاصّ «بمفاد كان التّامّة» نظير ترتّب أثر الإرث ـ مثلا ـ على سبق موت المورّث على موت الوارث وتقدّمه عليه ، فلا ريب في جريان أصالة عدم السّبق والتّقدّم هنا ، ومقتضاها عدم الإرث ، لكن هذا إذا لم يكن لتقدّم الحادث الآخر (موت الوارث) على هذا الحادث (موت المورّث) أثر ، وأمّا إذا كان لتقدّم كلّ منهما أثر ، فتجري أصالة عدم التّقدّم والسّبق في كلّ منهما بلا معارضة بين الأصلين ، لاحتمال التّقارن في البين ، حيث لا علم إجماليّا بأصل السّبق والتّقدّم.
نعم ، إذا كان في البين علم إجماليّ بتقدّم أحدهما على الآخر ، فلا تجري أصالة عدم السّبق والتّقدّم في أحدهما لمعارضة هذا الأصل بمثله في الآخر.
وبعبارة اخرى ، جريان الأصل فيهما موجب للمخالفة القطعيّة ، وفي خصوص أحدهما ترجيح بلا مرجّح ، كما لا يخفى.
وكذا تجري أصالة عدم السّبق والتّقدّم في كلّ منهما لو كان الأثر مترتّبا لكلّ من التّقدّم والتّأخّر بلا معارضة ، لاحتمال التّقارن في البين ، إلّا إذا علم إجمالا بالسّبق ،