فلا مجال حينئذ للرّجوع إلى أصالة عدم السّبق ، لما عرفت آنفا من تحقّق المعارضة بين الأصلين.
الصّورة الثّانية : ما إذا كان الأثر فيهما للوجود الخاصّ «بمفاد كان النّاقصة» نظير ما إذا قلنا : بترتّب الإرث على كون موت المورّث متّصفا بالتّقدّم على موت الوارث ، لا على نفس تقدّم موته على موته ، كما في الصّورة الاولى ، ففى جريان الاستصحاب وعدمه هنا قولان :
أحدهما : ما اختاره المحقّق الخراساني قدسسره من عدم جريانه الاستصحاب ، لعدم تعلّق اليقين والشّكّ بهذا الوجود (الوجود بمفاد كان النّاقصة) فلم يكن في الفرض علم ويقين بالاتّصاف بالتّقدّم أو التّأخّر أو التّقارن سابقا حتّى يستصحب عند الشّكّ في بقاءه لا حقا. (١)
ثانيهما : ما اختاره قدسسره من جريان الاستصحاب في مسألة العامّ والخاصّ ، فقال ما حاصله : إذا ورد عموم بأنّ النّساء تحيض إلى خمسين عاما إلّا القرشيّة وشككنا في كون امرأة قرشيّة ، فلا يجوز التّمسّك بالعامّ ، لكون الشّبهة مصداقيّة ، لكن لا مانع من إدخالها في العموم بمعونة الاستصحاب بأن يقال : الأصل عدم اتّصافها بالقرشية لانّها لم تتّصف بهذه الصّفة حين لم تكن موجودة والآن كما كانت. (٢)
والحقّ ما اختاره قدسسره في مبحث العامّ والخاصّ وهو جريان الاستصحاب في المقام ، فيقال : في المثال المتقدّم ، الأصل عدم اتّصاف موت المورّث بالتّقدّم على موت
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ٢ ، ص ٣٣٤ و ٣٣٥.
(٢) راجع ، كفاية الاصول : ج ١ ، ص ٣٤٦.