وفيه : أنّ المعتبر في الاستصحاب ، كما عرفت سابقا ، إنّما هو سبق زمن المتيقّن على زمن المشكوك ، لا سبق اليقين على الشّكّ ، بمعنى : أنّ الاستصحاب يجري لو كانا حادثين معا وفي زمان واحد ، بل ولو حدث الشّكّ أوّلا ثمّ اليقين ، فالمتقدّم هو المتيقّن (الحدوث) ، والمتأخّر هو المشكوك فيه (البقاء) ، نعم ، زمن اليقين سابق على زمن الشّكّ غالبا ، كما هو المقصود في قوله عليهالسلام : «لأنّك كنت على يقين من طهارتك ، فشككت ...» ، ومعنى اتّصال زمن الشّكّ بزمن اليقين حينئذ ، عدم تخلّل يقين آخر مخالف للأوّل بينهما ، وإلّا كان من نقض اليقين باليقين لا بالشّكّ.
وعليه : فلا إشكال في جريان الاستصحاب في المثال المتقدّم (ما إذا شكّ في تقدّم موت الوالد المورّث على إسلام الولد الوارث) لوجود الاتّصال ، حيث تيقّن بعدم إسلام الوارث يوم الأربعاء ـ مثلا ـ ويشكّ في بقاء هذا العدم إلى زمن موت المورّث من دون أن يتخلّل بينهما يقين فاصل آخر.
ولا يخفى عليك : أنّ الشّبهة المصداقيّة في الامور الوجدانيّة (الشّكّ واليقين) غير معقولة ، فلا معنى للشّكّ في أنّ له يقينا أو شكّا ، أم لا ، بمعنى : أنّ الشّكّ واليقين ليس نظير الفسق والعدالة ، فتأمّل.
فظهر من ذلك ، أنّه لا مجال للشّكّ في أنّ الشّكّ كان يوم الخميس ـ مثلا ـ حتّى يكون متّصلا بزمن اليقين وهو يوم الأربعاء ، أو كان يوم الجمعة حتّى يكون منفصلا عنه ، بل الشّكّ في أنّ الإسلام ، هل حدث في زمن حدوث الموت أم لم يحدث في هذا الزّمان ، موجود حتّى يوم الجمعة ، فليس الشّكّ في الشّكّ ، كما ليس الشّكّ في اليقين بعدم الإسلام يوم الأربعاء.