عن الجبن وغيره ، كلّ شيء فيه الحلال والحرام فهو لك حلال حتّى تعرف الحرام ، فتدعه بعينه» (١).
هذه الرّوايات كما ترى تدلّ على التّرخيص في أطراف الشّبهة بلا فرق بين مورد العلم الإجماليّ وغيره.
ولكنّ الإنصاف ، أنّ تلك الرّوايات منصرفة إلى موارد الشّبهات البدويّة ، فلا تعمّ موارد العلم الإجماليّ ، ويشهد على ذلك ما في ذيل رواية مسعدة بن صدقة من الأمثلة المختصّة بالشّبهة البدئيّة.
على أنّ الحلّيّة في الأمثلة لا تكون لأجل أصالة الحلّ ، بل إنّما تكون لأجل أمارة اليد ، كما في مورد الثّوب والمملوك ، أو لأجل أصالة عدم الرّضاع أو الاختيّة ـ ولو بنحو استصحاب العدم الأزليّ ـ كما في مورد المرأة.
وكيف كان ، هذه الرّوايات أجنبيّة عن موارد العلم الإجماليّ ، لكونها ناظرة إلى موارد الشّكّ في الحرمة والحلّيّة ، بخلاف موارد العلم الإجماليّ ، فإنّها ناظرة إلى موارد العلم بالحرمة وإحرازها ، غاية الأمر ، اشتبه الحرام بالحلال.
وبعبارة اخرى : إنّ في موارد العلم الإجماليّ شيئين : أحدهما : حلال ؛ والآخر : حرام ، فاشتبها واختلطا ، كالخمر والخل ، وأمّا الرّوايات المذكورة فموردها شيء واحد ، لكن ذو أفراد ، بعضها حرام ، وبعضها حلال ، كالثّوب والجبن ونحوهما ، فمعنى كلّ شيء فيه حلال وحرام ، هو كلّ شيء واحد ذي أفراد ومصاديق محرّمة و
__________________
(١) وسائل الشّيعة : ج ١٧ ، كتاب الأطعمة والأشربة ، الباب ٦١ من أبواب الأطعمة المباحة ، الحديث ٧ ، ص ٩٢.