ما يقابل اليقين والظّنّ والوهم.
ثانيهما : ما هو المصطلح عند اللّغويين والعرف ، وهو أنّ اليقين ما يكون حجّة ، فيعمّ اليقين التّعبّدي الشّامل للظّنّ المعتبر ؛ وأنّ الشّكّ خلاف اليقين ، بمعنى : ما لا يكون حجّة ، فيعمّ الظّنّ غير المعتبر وكذا الوهم ، والمقصود من اليقين والشّكّ في أدلّة الاستصحاب هو هذا المعنى الثّاني ، كيف ، وأنّه لو قصد معنى الأوّل منهما لصار معنى الرّواية عدم جواز نقض اليقين بالشّكّ وجواز نقضه بغيره حتّى لو كان ظنّا غير معتبر ، وهذا ، كما ترى ، ممّا لا يمكن الالتزام به ، ولا يلتزم به أحد ، فإرادة المعنى اللّغويّ من الشّكّ ممّا لا مناص منه بلا احتياج إلى إقامة الدّليل عليه ، مع أنّه يمكن إقامة الدّليل عليه وهي الموارد الّتي وردت في جملة من الأخبار :
منها : قوله عليهالسلام في صحيحة زرارة المتقدّمة : «لا» في جواب قول السّائل : «فإنّ حرّك إلى جنبه شيء ولم يعلم به» فإنّ السّائل سأل أنّه لو حرّك إلى جنب نائم شيء ولم يعلم به ، فهل يوجب ذلك حصول النّوم الّذي يكون ناقضا للوضوء ، أم لا؟ فقال عليهالسلام : «لا» بل يحتاج إلى اليقين بحصوله ، فمعنى هذا الجواب هو أنّه لا يعتنى بالشّكّ الشّامل للظّنّ ـ أيضا ـ بداهة ، أنّ تلك الحركة يوجب الظّنّ بحصول النّوم حسب العادة ، وعدم الاعتناء به كاشف عن اندراج الظّنّ في الشّكّ.
وبعبارة اخرى : أنّ الإمام عليهالسلام لم يستفصل بين الشّكّ والظّنّ ، حيث إنّه عليهالسلام لم يسأل عن السّائل ، هل كنت شاكا في حصول النّوم بالحركة المذكورة ، أم ظانا؟ وواضح ، أنّ الجواب بلفظ : «لا» مع ترك الاستفصال قرينة واضحة على إرادة الظّنّ من الشّكّ ، أيضا.