الاصطلاحيّ هو تنافي نفس الدّليلين.
هذا ، ولكن عدل المحقّق الخراساني قدسسره عن هذا التّعريف إلى تعريف آخر ، حيث قال : «التّعارض هو تنافي الدّليلين أو الأدلّة بحسب الدّلالة ومقام الإثبات على وجه التّناقض أو التّضاد حقيقتا أو عرضا ، بأن علم بكذب أحدهما إجمالا مع عدم امتناع اجتماعهما أصلا». (١)
والوجه في عدوله قدسسره هو إخراج موارد الجمع العرفيّ من الحكومة والتّخصيص ، والورود والتّخصّص ونحوهما عن باب التّعارض ؛ إذ تعريف الشّيخ الأنصاري قدسسره يشمل تلك الموارد نظرا إلى أنّ التّنافي بين مدلولي الدّليلين في تلك الموارد ـ أيضا ـ ثابت ؛ ولذا أورد قدسسره على تعريف الشّيخ قدسسره بعد التّعريف المذكور ، بقوله : «فلا تعارض بينهما بمجرّد تنافي مدلولهما إذا كان بينهما حكومة رافعة للتّعارض والخصومة».
والإنصاف ، أنّه لا وجه لهذا العدول ؛ إذ بعد ما أوضحنا كلام الشّيخ قدسسره يتّضح لك : أنّ مقصوده قدسسره من التّعريف بتنافي الدّليلين وتمانعهما باعتبار مدلولهما هو غير التّعريف بتنافي المدلولين ، بل مقصوده قدسسره ـ أيضا ـ هو ما قال به المحقّق الخراساني قدسسره والاختلاف إنّما هو في كيفيّة التّعبير ، فلا فرق بين التّعريفين عند أرباب الدّقة والمعرفة.
ثمّ إنّه لا يخفى : أنّ التّنافي على وجه التّضاد وإن كان مغايرا للتّنافي على وجه التّناقض ظاهرا ، لكنّه يرجع إليه بأدنى تأمّل ، فدليل وجوب شيء بالمطابقة دليل على
__________________
(١) كفاية الاصول : ج ٢ ، ص ٣٧٦.