عدم حرمته بالالتزام ، وكذا دليل حرمته بالمطابقة دليل على عدم وجوبه بالالتزام ، فيجتمع فيه الوجوب واللّاوجوب والحرمة واللّاحرمة ، وهذا هو التّناقض.
وكيف كان ، التّنافي بين الدّليلين ، إمّا يكون بالذّات والأصالة ، كما في التّنافي على وجه التّضاد أو التّناقض ؛ وإمّا يكون بالعرض والتّبع ، كما في التّنافي بين دليلي القصر والإتمام ، ودليلي وجوب صلاة الظّهر والجمعة ونحوهما من الأدلّة الّتي نعلم إجمالا بكذب أحدهما مع عدم امتناع اجتماعهما ـ لو خلّيا ونفسهما ـ فلا منافاة بين وجوب صلاة الظّهر والجمعة ، إلّا أنّ العلم الإجماليّ بعدم الوجوب في ظهر الجمعة إلّا لصلاة واحدة صار موجبا لتنافي الدّليلين ، وكذا الأمر في القصر والإتمام. هذا في تعريف التّعارض.
وأمّا التّزاحم ، فهو على قسمين : الأوّل : ما يقع في الأحكام وهو المقصود من البحث هنا ، فيقال في تعريفه : إنّه لا تنافي بين الحكمين عند التّزاحم في افق الجعل ، ولا بين الدّليلين في افق الدّلالة ، لا بالذّات ولا بالعرض ولا كلّا ـ كما في المتباينين ـ ولا في الجملة ، كما في العامّ والخاصّ من وجه ، بل التّنافي إنّما يكون في موقف الإطاعة والامتثال ؛ وذلك ، لأجل عجز العبد وعدم قدرته على الجمع بين التّكليفين عند الإتيان ، بحيث لو قدر على الجمع لم يكن هناك تزاحم أصلا ، ومن هنا يختلف التّزاحم بين المكلّفين ، ففي مورد يصدق التّزاحم بالنّسبة إلى مكلّف لعجزه ، وفي مورد آخر لا يصدق بالنّسبة إلى مكلّف آخر لقدرته ، فلا يترك أحد الدّليلين في باب التّزاحم ، بل يبقى بحاله ولا يعمل به لعدم القدرة عليه ، بمعنى : وجود المانع لا عدم المقتضي ، بخلاف باب التّعارض ، فيترك أحد الدّليلين بالمرّة ورأسا ، فالفرق بينهما جوهري ، لا جامع