بينهما ولا مجال لتأسيس الأصل في ظرف الشّكّ أصلا.
ولا يخفى : أنّه لا يتفاوت في هذا القسم من التّزاحم بين مسلك العدليّة من تبعيّة الأحكام للملاكات فيها أو في متعلّقاتها ، وبين مسلك الأشاعرة النّافين للملاكات والمنكرين لها بالمرّة.
القسم الثّاني : ما يقع في الملاكات من المصالح والمفاسد الكامنة في المتعلّقات أو في نفس الأحكام ، نظير ما إذا كان في فعل مصلحة ملزمة مقتضية لإيجابه ، أو مفسدة ملزمة مقتضية لتحريمه ، أو مصلحة اخرى مقتضية لإباحته ، حيث إنّ الإباحة قد تكون من ناحية اللّااقتضائيّة مطلقا ، بمعنى : أنّها تنشأ من عدم المصلحة والمفسدة ، لا الملزمة ولا غير الملزمة ، وقد تكون من ناحية الاقتضاء ، بمعنى : أنّها تنشأ من مصلحة مقتضية للتّرخيص والإباحة ، كما في قول النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لو لا أن أشقّ على امّتي لأمرتهم بالسّواك عند وضوء كلّ صلاة» (١) فمثل هذا ، ترخيص في التّرك وإباحة بالمعنى الأعمّ لأجل مراعاة مصلحة التّسهيل والإرفاق.
وعلى أيّ تقدير ، هذا القسم من التّزاحم أجنبيّ عن حوزة فعل العبد ، بل أمره بيد الرّب وهو الّذي يلاحظ الملاكات ويقف بها ويعلمها كما هي بعلمه النّافذ المحيط ، فيجعل في الفرض ، الحكم على وفق ما هو الأقوى من الملاكات ، وإلّا فيحكم بالتّخيير ولا شأن للعبد هنا إلّا الامتثال والإطاعة.
ولا يخفى : أنّه يتفاوت في هذا القسم بين مذهب العدليّة والأشاعرة ؛ ضرورة ، أنّه مبتن على خصوص مذهب العدليّة القائلين بالملاكات الكامنة في المتعلّقات وهو
__________________
(١) وسائل الشّيعة : ج ١ ، كتاب الطّهارة ، الباب ٣ من أبواب السّواك ، الحديث ٤ ، ص ٣٥٤.