وفيه : أوّلا : أنّه لو اريد من الإمكان هو الإمكان العرفيّ ، فليس ذلك إلّا هو الجمع العرفيّ الّذي لا كلام فيه ، ولو اريد منه هو الإمكان العقليّ ، فبطلان اللّازم (طرحهما معا أو طرح أحدهما) ممنوع جدّا ؛ إذ الدّليلان بعد عدم إمكان الجمع العرفيّ يصيران متعارضين ، والأصل فيهما هو التّساقط بحكم العقل ، أو التّرجيح والتّخيير بحكم الشّرع (بمقتضى أخبار العلاج).
وثانيا : أنّه لو صحّت الضّابطة المذكورة بسعتها الشّاملة لإمكان العقليّ ، فلم يصل الدّور إلى الأخبار العلاجيّة ، لإمكان الجمع العقليّ بين الدّليلين المتعارضين في جميع الموارد حتّى فيما إذا فرض أنّهما متعارضان أشدّ المعارضة ، ألا ترى ، أنّه يمكن الجمع عقلا بحمل قوله عليهالسلام : «ثمن العذرة سحت» على عذرة الإنسان أو على العذرة النّجسة ، أو على بيع العذرة بلا حاجة ، وحمل قوله عليهالسلام : «لا بأس ببيع العذرة» على عذرة غير الإنسان أو على العذرة غير النّجسة ، أو على بيع العذرة مع الحاجة ، وغير ذلك من وجوه اخرى.
وعليه : فالأصل هو الجمع العرفيّ الدّلالي إلّا في موارد التّعارض والاختلاف المستقرّ غير البدئيّ ، فإنّه لا بدّ من التّساقط فيه بحكم العقل ، ومن التّرجيح ، أو التّخيير بحكم النّص كما سيأتي.
فتحصّل : أنّ ما ادّعاه ابن أبي جمهور الأحسائي من الضّابطة مورده هو الجمع العرفيّ ، نظير موردي العامّ والخاصّ والمطلق والمقيّد بحيث لا يرى العرف التّعارض في أمثال ذلك ، وأمّا في الخبرين المتعارضين أو المختلفين عرفا ، فالمرجع هو الأخبار العلاجيّة الدّالّة على التّخيير أو التّرجيح بالمزايا والامور المرجّحة ، كيف وأنّه لو قيل :