نعم ، قد يتّفق انطباق المضطرّ إليه على الحرام الواقعيّ ، وهذا ليس لأجل الاضطرار ، بل يكون مستندا إلى جهل المكلّف بالواقعة ، وعليه ، فالمضطرّ إلى أحد الإنائين مرخّص في ارتكاب أحدهما أو في تركه لارتفاع الاضطرار بهذا المقدار ، ومكلّف بالاجتناب عن الآخر أو بالإتيان به ، فلا منافاة ولا مزاحمة بين الدّليلين مطلقا.
هذا تمام الكلام في الصّورة الاولى.
أمّا الصّورة الثّانية : (حدوث الاضطرار إلى أحد الأطراف المعيّن بعد التّكليف وقبل العلم به) فحكمها عدم بقاء التّنجيز بعد عروض الاضطرار ، بعكس الصّورة الاولى ، حيث إنّ التّنجيز فيها باق بعد عروضه.
توضيح ذلك : أنّه بناء على مسلك تحديد التّكليف وتقييد فعليّته بالاضطرار ـ كما عليه عدّة من الأساطين منهم المحقّق الخراساني قدسسره ـ لا يكون العلم الإجماليّ متعلّقا حينئذ بحكم فعليّ على كلّ تقدير فلا يكون منجّزا ؛ إذ على تقدير كون الطّرف المضطرّ إليه هو الحرام الواقعيّ ، فهو حلال قطعا بعنوانه الثّانوي (الاضطرار) ، فلا يجب الاجتناب عن الطّرف الآخر الّذي يكون حلالا واقعيّا حسب الفرض ؛ وعلى تقدير كون المضطرّ إليه هو الحلال الواقعيّ وجب الاجتناب عن الطّرف الآخر الّذي يكون حراما واقعيا حسب الفرض ، فإذا كان الحال هكذا ، لم يكن في البين علم بتكليف فعليّ على جميع التّقادير ، وواضح ، أنّه يعتبر في منجّزيّة العلم الإجماليّ تعلّقه بحكم فعليّ على كلّ تقدير.
وبعبارة اخرى : أنّ العلم الإجماليّ هنا ، تعلّق بحكم مردّد بين الفعليّ والإنشائيّ ، فلا يكون منجّزا.