وأمّا بناء على مسلك الإمام الرّاحل قدسسره من عدم التّحديد والتّقييد وبقاء التّكليف على ما هو عليه من الفعليّة حال الاضطرار ، إلّا أنّ المكلّف يكون معذورا في تركه ، فالعلم الإجماليّ ـ أيضا ـ لا يكون منجّزا وإن كان متعلّقا بالتّكليف الفعليّ ؛ وذلك لأنّ متعلّق العلم وإن كان حكما فعليّا ، إلّا أنّ مجرّد كونه فعليّا لا يثمر ، بل لا بدّ أن يتعلّق بحكم فعليّ صالح للاحتجاج مطلقا عند العقلاء ، والمفروض أنّ هذا القيد مفقود في المقام ، حيث إنّه لم يتعلّق بما هو صالح له مطلقا بحيث لو ارتفع الإجمال لتنجّز التّكليف ، بل هو صالح للاحتجاج على وجه وغير صالح له على وجه آخر ، ومرجعه إلى عدم العلم بالصّالح مطلقا ، ومعه لا يوجب تنجيزا أصلا. (١)
وبما ذكرناه في هذه الصّورة الثّانية ، انقدح حكم الصّور الاخرى ، فلا نطيل الكلام فيها.
ولا يخفى : أنّ ما ذكرناه في الاضطرار إلى المعيّن من الطّرفين أو الأطراف من الأقسام والأحكام في جميع الصّور ، يجري في مثل فقد بعض الأطراف ، أو خروجه عن محلّ الابتلاء ، أو الإكراه ، فانتبه ، هذا كلّه في المقام الأوّل.
أمّا المقام الثّاني : (الاضطرار إلى أحد الأطراف لا بعينه) ففيه قولان : قول بتنجيز العلم الإجماليّ ووجوب الاجتناب عن الطّرف الآخر غير المضطرّ إليه ، سواء طرأ الاضطرار قبل العلم بالتّكليف أو بعده أو معه ، وهو ما اختاره الشّيخ الأنصاري قدسسره. (٢)
__________________
(١) راجع ، تهذيب الاصول : ج ٢ ، ص ٣٣١ و ٣٣٢.
(٢) راجع ، فرائد الاصول : ج ٢ ، ص ٢٤٥.